الزواج هو في الأساس قضيّة إنسانيّة وليس قضيّةً ماديّة. لقد أقرّ الإسلام المهر لكنّه لم يجعل المهر على هيئة معاملة. ليست هنا بمثابة معاملة؛ بل إنّ الطرفين يستثمران سويّةً في مكان مشترك. ليس الأمر كما هو الحال في البيع والشراء، بحيث أنّك تمنح شيئاً مقابل حصولك على شيء ما. لا، بل يضع كلا الشخصين ما لديهما في صندوق ووعاء مشترك ويستفيد كلاهما منه. هذه هي فحوى الزواج.
لذلك يجب أن يكون دور الماديّات شبه معدومٍ هنا. مطالبتنا بأن لا يبالغوا في المهور مردّها إلى هذه القضيّة. وإنّ قولنا بأن لا يتعدّى المهر الحدّ الفلاني لا يعني أنّ العقد باطلٌ أو حرامٌ إذا كان أكثر من ذلك الحدّ؛ لا، بل هو جائزٌ أيضاً، لكنّه عملٌ خاطئ.
~الإمام الخامنئي ١٩٩١/٧/١١
من جملة الأمور التي ابتليت بها العديد من العوائل في مجتمعنا، وقد ابتليت بآفة خطيرة (التكلّف)، هي مسألة الزواج الهامّة والمصيريّة. بحجّة مراعاة العادات والتقاليد، وحفظ ماء الوجه، والحفاظ على الحيثيّة ومنح القيمة للشاب والفتاة و... لقد حوّلنا أعذب حدثٍ في حياة الشباب إلى كابوسٍ مخيف. ونتائج هذه النظرة المريضة المريرة هي أنها جعلت عدداً كبيراً من الشّباب ييئسُ من تأسيس حياة جديدة وجعلت عدداً كبيراً آخراً يواجه مشاكل عديدة في بداية الطريق.
هناك العديد من العوائل التي تقيم العزاء لنفسها بدل الفرح والاحتفال مع اقتراب موعد زواج أبنائهم.
ليس بالإمكان إحصاء الأضرار الثقافية والتربوية والأخلاقية الناجمة عن العزوبية طويلة الأمد والتأخر في قضية الزواج.
ما ينجم عن بداية مليئة بالمصاعب والمشاكل يجرّع العديد من الشباب كأس المرارة في بداية الحياة. نحن جميعاً مقصّرون فيما يخصّ هذه الآفة الاجتماعيّة الكبيرة وطبعاً فإنّ العوائل التي تتكلّف يجب أن تملك جواباً في الحضرة الإلهيّة أكثر من أيّ أحدٍ آخر! كما يجب على الجميع أن يتدخّلوا من أجل حلّ هذه المعضلة المهلكة وتحرير هذه السنّة الإلهيّة والسماويّة من قيود الجاهليّة وأن يُعبّدوا طريق الحياة من أجل أن ينال الشباب السعادة.
~الإمام الخامنئي ٧/١١/٢٠٠٧
ما يُقال حول الشهداء، أو ما يرِدُ في وصايا أولئك الشهداء يذُهل الإنسان فعلاً ويجعله في حيرة أمام عظمة هؤلاء الشهداء من الناحية الروحيّة. يقول (أحد الشهداء): لقد درست وأخشى أن تكون دراستي -التي أُنفقت عليها أموال وتكاليف معيّنة- إرغاماً لبيت المال وأن يكون ذلك ديناً في رقبتي؛ متى ما استشهدت بيعوا درّاجتي الناريّة، واجمعوا أموالي الموجودة في المصرف، ثمّ اذهبوا وقدّموها لبيت المال عوضاً عنها! هذا درس لنا؛ هذا درس لنا.
كيف كان حال معيشة الشهداء العاديّة؟ أنظروا إلى زواجهم على سبيل المثال؛ ما ورد في مذكرات الشهداء التي تشكّل سيرة حياتهم - ضمن حدود مطالعتي واطلاعي- يتمّ ذكر قضيّة الزواج في عدد منها؛ كيفيّة زواجهم، وكيفيّة اختيارهم للزوجة، ومن ثمّ تأتي مراسم (حفل) الزواج، وبعد ذلك كيفية التعامل مع العوائل، هذه كلها تمثّل قمم الأخلاق الإسلامية. نحن واقعون في مشكلة اليوم ونحتاج إلى مثل هذه الأمور. كيف يفكّر الشاب اليوم فيما يخص الزواج واختيار الزوجة وكيف يجب عليه أن يفكّر؟ يجب أن يتمّ تقديم هذه القدوة له؛ هؤلاء قدوة، شهداؤنا قدوة. أبرزوا هذه القدوات؛ إجعلوا وجوههم المشعّة بالضياء ماثلة أمام أعين الشباب. فاستعراض ما كان يفعله الشهداء في حياتهم، وكيفية تصرفهم، وكيفية إنفاقهم للأموال، وكيفية تطلّعهم إلى التكليف من جملة تلك القضايا التي يمكن لها أن تُقدّم كقدوة...
لذلك فإنّ تصويرنا وإبرازنا لنمط عيش الشهداء وتقديمه لشبابنا وللأجيال القادمة يشكّل نقطة هامّة. فلنعرض لهم ذلك ليروا ما كان عليه وما آل إليه.