بسم الله الرحمن الرحيم،
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، ولا سيّما بقية الله في الأرضين.
أقدّم التحية والسلام إلى أهالي تبريز و[محافظة] أذربيجان الأعزّاء، وأبارك ذكرى 29 بهمن (18/2)، التاريخ الذي لا يُنسى، وللأسف، يُقام هذا العام بهذه الطريقة، بسبب الضرورة. كنّا كلَّ سنة في هذه الحسينة نسعد بحضوركم، أيها الناس الأعزاء، وبالجو الحماسي الناجم عن مشاعركم الأذربيجانية والتبريزية، وكنّا نلقاكم من قرب. لكن، للأسف، هذا العام لم يكن مقدّراً ذلك. وهذا ضمن الأحداث المتنوعة في الحياة، فكل يوم له حاله. أتمنّى أن تُرفع هذه العقبات أيضاً في أقرب وقت، إن شاء الله.

أهمية الاستفادة من بركاتِ رجب
أبارك لكم جميعاً، أيها الأعزاء، حلولَ رجب، ولأهالي تبريز وأذربيجان وعموم شعب إيران، وأتمنّى أن يستفيد الجميع من البركات المعنوية لهذا الشهر. طبعاً في هذا الشهر، لن يكون هناك تجمعات، فما كان للناس كلَّ سنة من اجتماعات العبادة والذّكر والتقرّب لن يكون هذه السنة. لكن ينبغي ألّا نغفل عن أدعية رجب من البيوت، فهي أدعية جيدة للغاية. وهذا التعطيل المؤقت للاجتماعات ينبغي ألّا يجعلنا نغفل عن بركات هذا الشهر والعبادة والدعاء والتوسل إلى الله.
ما سأقوله اليوم هو بضع كلمات، في البداية، في مناقب تبريز وأذربيجان. مع أننا تحدثنا كثيراً في هذا الصدد، فإنّ انطباعي أنّ هذه الكلمات يجب أنْ تتكرر حتى تتعرف أكثرَ إلى هذه الحقائق أذهانُ شبابنا الأعزاء، وبخاصة شباب تلك المنطقة الأعزاء. بضع كلمات عن ذكرى 29 بهمن 1356 (18/2/1978) - هذا الحدث التاريخي المهم للغاية - وبضع كلمات عن الدرس الذي يجب أن نتعلمه اليوم من هذه الحادثة ونستفيد منه. فبالاستفادة من هذا الدرس العظيم، علينا اليوم التخلّص من نقاط الضعف لدينا. وسأقول بضع كلمات عن الانتخابات أيضاً.

نقاط الافتخار لتبريز وأذربيجان:
1-     منطقةٌ تفيض بالنّخب

بشأن تبريز، كانت 29 بهمن 1356 حادثة جهادية وعملياتية مَجيدة. لقد كان عملاً مهماً وهو حقاً مصدر فخر لأهالي تبريز، لكن افتخار أذربيجان وافتخار تبريز لا يقتصران على هذا العمل الجهادي وما يشبهه؛ نطاق الافتخار لهذه المدينة وهذه المنطقة أوسع بكثير، وسأعطي بعض الأمثلة.
واحد منها إنتاج النخب. أذربيجان، ولا سيما تبريز، منطقة منتجة للنخب في العلم والفن والسياسة. في العلم، كلّ من العلوم الدينية والطبيعية والمادية طوال 150 سنة مضت - لم أتتبع كثيراً ما قبلها -، هذه المنطقة ممتازة وتفيض بالنخب حقاً من حيث الفقهاء العظماء، والحكماء العظماء، والمتكلمين، وعلماء العلوم الطبيعية. إذن، هي منتجة للنّخب في العلم والفن. [مثلاً] شعراء تبريز وفنانوها وفنانون من أنواع الفنون جميعاً يذكرون اسم المرحوم شهريار - رحمة الله عليه – ونذكر اسمه أيضاً. وأعتقد [بنخبويّته] أيضاً لكنه لم يكن الوحيد. هناك العديد من الشعراء في تبريز الذين كتبوا الشعر بالفارسية أو التركية. في السياسة أيضاً، قدّمت أذربيجان شخصيات بارزة في الماضي واليوم. لذلك من سمات هذه المنطقة أنها منتجة للنخب ويجب الحفاظ عليها وصونها.
2-     دورٌ في التطوّرات التّاريخيّة آخرَ قرنين 
النقطة الأخرى هي دورها في التطوّرات التاريخية والسياسية في البلاد. عندما ننظر إليها أيضاً في 200 سنة مضت، [أو] 150 سنة، كانت [أذربيجان] منطقة محوريّة. أحياناً يلتحق الشخص بحدث، وأحياناً يؤدي دوراً، ويُحدث تحوّلاً، ويؤثّر في خلق ذلك الدور واستمراره. كانت تبريز وأذربيجان على هذا النحو. منذ عهد الفتوى بتحريم التنباك للمرحوم الميرزا الشيرازي. الحاج الميرزا جواد مجتهد الذي هو من أبرز علماء تبريز وعائلة مجتهد المشهورة، [أي] كان مجتهدياً، له تأثيره في هذه المنطقة. طبعاً الميرزا الشيرازي كان في سامرّاء. لولا أن علماء إيران من أمثال الميرزا الآشتياني2 موجودون في طهران وسماحته هنا (الميرزا جواد) وبعض العلماء الآخرين في مناطق أخرى، ما كان لهذه الفتوى ذلك الانتشار والتأثير المطلوب. دخل المرحوم الحاج الميرزا جواد بفعّالية إلى هذا الميدان. وفي «المشروطة»3 كذلك – سوف أتحدث عن هذا الموضوع وأشير إليه لاحقاً -، وبناء عليه كان لهذه المنطقة وبالأخص مدينة تبريز ومنطقة أذربيجان عموماً هذه الروحية المحوريّة في التطوّرات التاريخية والسياسية للبلاد.
3- حصن متين ضدّ الهجمات الخارجية
النقطة التالية أن أذربيجان كانت حصناً متيناً لإيران ضد الهجمات الخارجية. أي كنا نتعرض دائماً للهجوم من الجيران المعتدين - سواء روسيا القيصرية أو [الإمبراطورية] العثمانية السابقة أو الاتحاد السوفييتي - فلو لم تكن أذربيجان ولا تبريز ولا المقاومات ولا الصمود ولا التضحيات، لكان هذا العدوان قد امتدّ إلى المناطق الوسطى من البلاد. كانت أذربيجان سدّاً وحصناً متيناً ودوماً صدّت هذه الهجمات ومنعتها.
4- التعلّق بالإسلام والغيرة الشّديدة على إيران
النقطة المهمة للغاية أن تبريز وأذربيجان لهما خاصيّتان ثابتتان ودائمتان في الهويّة: الأولى هي التعلّق العميق بالإسلام والدين الإسلامي، والثانية الغيرة والحميّة الشديدة لإيران. كانت موجودة دائماً لدى أذربيجان في فترات مختلفة، وهي أولت أهمية كبيرة للإسلام وإيران، وأظهرت حميّة كبيرة لها، لدرجة أنها عُدّت ميزة مهمّة حقاً. لقد وقف الأذربيجانيون مراراً وتكراراً في وجه مؤامرات الأجانب الذين أرادوا فصل أجزاء مختلفة من إيران، ووقفوا في هذه المنطقة ضد محاولات الانفصال، وحافظوا على وحدة البلاد.
5- شخصيات مبدعة في قضايا البلاد
النقطة الأخرى هي إبداع الشخصيات. هناك العديد من الشخصيات الذين يبدعون في جميع قضايا البلاد في هذه المنطقة. كما قلت، في مسألة التنباك للمرحوم الحاج ميرزا جواد، وفي بدايات قضايا «المشروطة» لستّار خان وباقر خان - كانا من الحي نفسه مع والدنا. رأى سماحته باقر خان في حيّ الشارع -، ثم في فترة أخرى عندما دخل الروس إلى تبريز كان حاضراً. والمرحوم ثقة الإسلام4 وعلماء كبار آخرون جاهدوا وناضلوا واستشهدوا. ثم في فترة أخرى حركة الشيخ محمد خياباني وميرزا إسماعيل نوبري إذ دخلوا إلى الميدان وقاموا على أعمال، وانتهت إلى استشهاد خياباني. في مسألة الثورة الإسلامية، في القضايا التمهيدية للثورة، منذ اليوم الأول، أي من 1342 [1964]، عندما بدأت الانتفاضة، كان ثلاثة علماء مشهورين من تبريز بين العلماء المعتقلين في أنحاء البلاد.
في ما بعد، في أحداث مختلفة في الأيام والأوقات قبيل الثورة الإسلامية، حركة المرحوم قاضي5 وآخرين. ثم في قضايا الثورة الإسلامية نفسها: الشهيد مدني والشهيد قاضي. وفي «الدفاع المقدس» الشهيد باكري، وأمثالهم. هناك العشرات من هؤلاء الشخصيات البارزة الذين أدّوا دوراً، فهذه شخصيات لا تُنسى. أقول إنه لا ينبغي نسيان هذا التاريخ المليء بالفخر. يجب الحفاظ على هذا التاريخ. يقيناً، من دون [سرد] رواية صحيحة عن تاريخ أذربيجان، أي سرد لتاريخ إيران يبقى غير مكتمل، وناقص. في السرد الصحيح لقضايا أذربيجان، يجب أن يتدخّل الأشخاص المختصون والمهتمون. هذه بضع جمل قصيرة عن أذربيجان وتبريز.

الخصائص لأهالي أذربيجان في ملحمة 29 بهمن
أما عن التاسع والعشرين من بهمن 1356، فأصدر الإمام بياناً6 بعد تلك الحادثة في تبريز. في تلك الرسالة، ذكر الإمام ثلاث خصائص لأهالي أذربيجان الأعزاء. كلمة «الأعزاء» وردت أيضاً في تعبير الإمام نفسه الذي قال: «أهالي أذربيجان الأعزاء». ذكر ثلاث خصائص: الشجاعة والغيرة والتديّن. هذه الخصائص الثلاث عبّر عنها الإمام العظيم في رسالته إلى أذربيجان. بالفعل جميع الخصائص الثلاث هي مؤشّرات مهمّة على التقييم لمجموعة بشرية وللنشاطات والجهود التي تبذلها هذه المجموعة، فالشجاعة في مكانها، والغيرة على نفسها، والتديّن كذلك.
عندما ثار أهالي تبريز في 29 بهمن - أعتقد أنّ هذه نقطة مهمة يجب الانتباه إليها - كانوا قد رأوا [أحداث] التاسع عشر من دي (9/2) في قم؛ لقد رأوا الوحشية التي يدخل بها النظام إلى الميدان و[كيف] يقتل الناس. ظنّ النظام أنه بعد حادثة قم قد أخمد آمال الشعب الإيراني ولن يجرؤ أحد على دخول الميدان. في مثل هذه الظروف، دخل أهالي تبريز إلى الساحة بأضعاف ما في قم، وابتكروا إقامة الأربعين. حقيقةً الأربعينات التي بدأت في وقت لاحق وأدّت إلى تلك الحركات الشعبية العظيمة كانت مبادرتها في تبريز، أي التبريزيون هم من ابتكر إقامة مراسم الأربعين للشهداء الذين سبقوهم. حسناً، لقد كانت شجاعتهم وإيمانهم وغيرتهم هي التي أتت بهم إلى الميدان حيث سطّروا هذه الأحداث العظيمة.
أعتقد أنه لولا الحركة الملحمية للتبريزيين في التاسع والعشرين من بهمن، لكانت الحركة الملحميّة لأهالي قم في التاسع عشر من دي قد تُركت وحدها ونُسيت تدريجياً. مثل حركة الخامس عشر من خرداد 1342 (9/2/1978) التي كانت في ذلك الوقت تُنسى تدريجياً. بالطبع، عادت ذكراها بعد الثورة الإسلامية، لكن قبل الثورة كان الناس ينسون ببطء ما حدث في طهران وقم وورامين وما شابه ذلك في الخامس عشر من خرداد 1342. كان من الممكن أن يلقى التاسع عشر من دي لأهالي قم المصير نفسه لو لم يأتِ التبريزيون إلى الميدان. جاء الناس وخلقوا ملحمة التاسع والعشرين من بهمن وأبقوا ملحمة قم حيّة وأجروا الدماء في عروق النهضة.
طبعاً هذه الخصائص الثلاث، الشجاعة والغيرة والتديّن، ظهرت في أحداث الثورة الإسلامية وبعدها. في بدايات الانتصار للثورة الإسلامية، عندما كانت تسعى الأيدي الأجنبية إلى التقسيم، دخل أهل تبريز إلى الميدان، وكذلك في «الدفاع المقدس»، كان «جيش عاشوراء» في ذلك اليوم من الجيوش الشجاعة التي تقتحم الخطوط، والشهيد باكري شخصية لا تُنسى ولن تفارق ذكراه الأذهانَ أبداً، وأصدقاؤه المقرّبون الذين كانوا معه. بالطبع، رأيته مرات عدة. رفاقه ومن عاشروه يروُون أشياء عن نورانيته وروحانيته وصفائه، التي تجعل الإنسان يغبطه عليها حقاً. ثم في فتنة «خلق المسلم»7، كان التبريزيون أنفسهم [في الميدان]، فأولئك الذين بدؤوا فتنة «خلق المسلم» ظنّوا أنهم يريدون فعل شيء من أجل تبريز وأذربيجان [لكن] أولئك الذين وقفوا ضد الفتنة هم أبناء تبريز أنفسهم وهم من أوقفوها، والإمام قال هذا في ذلك الوقت. طلب ألّا يتدخّل أحد، لأنّ أهالي تبريز سيردّون عليهم. وكذلك في السنوات اللاحقة، في فتنة 1388 (2009)، دخل التبريزيون الميدان قبل يوم واحد من طهران، وقبل يوم واحد من بقية البلاد وأخمدوا تلك الفتنة.

رفضُ قواعد الهيمنة سببُ العداوات مع النظام الإسلامي
حسناً، كان هذا بشأن التاسع والعشرين من بهمن 1356 وأهمية الحادثة وعظمتها التي لا ينبغي نسيانها. إذاً، ما الذي نتعلمه من هذا؟ هذا هو موضوعي الرئيسي. ما درسنا اليوم من هذه الحادثة؟ حسناً، لقد واجهت الثورة الإسلامية عداوة القوى العظمى منذ البداية. وتشكلّت جبهة [ضدّها]. القوى العظمى التي نتحدث عنها، الاتحاد السوفييتي في ذلك اليوم إلى جانب أمريكا، الذين اختلفوا في مئة قضية، لكن في المواجهة مع الجمهورية الإسلامية والثورة الإسلامية والنظام الناتج من الإمام كانت هاتان القوتان العُظمَيان معاً. ينطبق الشيء نفسه على الأوروبيين والقوى الأوروبية، وأتباعهم الرجعيين في المنطقة، وغيرهم. تشكّلت جبهة ضد الثورة الإسلامية. إذاً، ما سبب هذه العداوة؟ هذه نقطة يجب ألّا ننساها أبداً.
السبب في هذا العداء هو ببساطة أن النظام الإسلامي قد رفض قواعد نظام الهيمنة. ما حَكَمَ العالم كان نظام الهيمنة. ماذا يعني نظام الهيمنة؟ يعني أن العالم مقسّم إلى قسمين: القسم المُهيمِن والقسم المُهيمَن عليه. ويجب أن يكون المهيمِن هو المتسلّط بكل من سياسته وثقافته واقتصاده، وعلى المهيمَن عليه أن يستسلم للمهيمِن. انقسمت دول العالم إلى مهيمِنة ومهيمَن عليها. لقد كانت قاعدة عالمية راسخة. لقد قسّموا العالم. كان جزء من العالم في يد أمريكا، وجزء في يد الاتحاد السوفييتي ذلك اليوم، وجزء في أيدي القوى من الدرجة الثانية التابعة لهم. هكذا كان وضع العالم. رفضت الجمهورية الإسلامية والنظام الإسلامي والثورة الإسلامية هذا النظام. حسناً، كان هذا شريان الحياة للاستكبار. لقد كانت القواعد لنظام الهيمنة هي شريان الحياة للاستكبار وقوامه. الجمهورية الإسلامية رفضت ذلك، والنظام الإسلامي رفضه، فوقفوا ضدّهما. بالطبع، من أجل الحصول على ذريعة، كانوا دائماً يختلقون الذرائع: مرة قضية حقوق الإنسان، مرة التقبيح لحكم الدين بطرق مختلفة، مرة [الملف] النووي، مرة الصواريخ، مرة الحضور الإقليمي. هذه ذرائع، وجوهر الأمر أن هذا النظام الإسلامي لا يرغب في أن يكون شريكاً في نظام الهيمنة على العالم ولا أن يرافقه في الهيمنة والتبعيّة. النظام الإسلامي صامد. إنه ضدّ الظّلم وضدّ الهيمنة.

مواجهة العدوّ عبر:
1- تعزيز الهوية الوطنية كأساس فكري

حسناً، في مواجهة هذا العداء وهذه الجبهة، يحتاج شعبنا العزيز والصامد إلى تعزيز هويته، وتقوية عناصر الشخصية وعناصر الهوية وزيادة قوتهم الداخلية. هذه ضرورة قاطعة. ما الذي يمنح الهوية والقوة لشعبٍ ولنهضة ما؟ أولاً امتلاك أساس فكري متين.
السبب في أن عدداً من الدول التي قامت بالثورات وأوجدت حركات ضدّ الهيمنة والاستكبار والظلم والاستبداد تراجعت بعد مدة وجيزة - بعضها بعد خمس سنوات وبعضها عشر - تماماً عن ذلك المسار وذهبت في طريق أسلافها وصارت مثلهم أنه لم يكن لديهم أساس فكري متين. هذا معنى ما تسمعونه أحياناً عن التفريغ الأيديولوجي في بعض كلام الأجانب. للأسف، بعض الناس يقلدون كلامهم في الداخل. العدوّ الرئيسي للهيمنة هو الأساس الفكري الأصيل وهو الأساس الإسلامي. هذا الأساس مأخوذ من الإسلام. وفي كلام الإمام [الخميني]، شُرح هذا الأساس بالتفصيل. إنْ نظرتم إلى المجلدات المتعددة لكلام الإمام، فإن هذا الأساس الفكري الإسلامي والعَقَديّ يتجلّى بصورة كاملة هناك، وتصريحات الإمام الراحل الواسعة هي ذخرٌ غنيٌّ في هذا الصدد. ثم لدينا دروس قيّمة من مفكرينا الثوريين، من الشهيد مطهري والشهيد بهشتي وغيرهم حتى الوقت الحاضر، الذين أخذوا وقدّموا هذا الأساس من القرآن والنصوص الإسلامية. بالطبع لديّ إيمان راسخ بأن القوى الفكرية للنظام الإسلامي يجب أن تسير في هذا الطريق وتستمر في ذلك. يجب أن يجعلوا هذا الفكر جليّاً ويضفوا عليه رونقاً يوماً بعد يوم وبصورة متجددة. تحتاج القضايا الجديدة التي تظهر إلى إجابات جديدة، ويجب أن يقدموا هذه الإجابات إلى الباحثين والمستكشفين والشباب.
2- رفض المساعدة للعدو وتجنب الخوف والتعب والكلل من العمل
طبعاً كان الأمر يتعلق بالأساس الفكري، وهو أمر ضروري، لكن من الناحية العملية هناك أشياء ضرورية أيضاً، فمجرّد وجود هذا الأساس وحده لا يكفي. ما المطلوب في العمل؟ تجنب الخوف والتعب والكلل، رفض اليأس والكسل، تجنّب الانخراط عن غير قصد في خطة العدوّ ورفض مساعدته. هذه ضرورية في العمل. الاستعداد للتضحية في مكانها. عندما نقول في مكانها، أي هناك أموراً تحدث ويجب التضحية ووضع الروح على الكف:
وضع روحه على كفّه، ويوماً         خلّص من العار القاتم بلداً(8)
مثل الشّهيد سليماني الذي وضع روحه على كفّه ودخل في مختلف الميادين، والشّهداء الأعزاء الآخرين، مثل شهيدكم باكري الذي في تلك العملية المهمة والمعقدة والصعبة للغاية اجتاز نهر دجلة. وراح ينادي أصدقاءه في تلك اللحظات التي سبقت الشّهادة قائلاً: تعالوا وشاهدوا ماذا يجري هنا. لا أدري ما كان يرى، من عالم الغيب، من عالم المعنوية، من ملكوت عالم الوجود ما ظهر أمامه حتى دعا الشهيد كاظمي وآخرين - كما يقولون أنفسهم - للمجيء إلى هنا ورؤية ما يجري. بالطبع، هؤلاء الأشخاص وضعوا أرواحهم على أكفّهم وضحّوا. التضحية ضرورية في بعض الموارد، ولكن الضروري دائماً هو ما قلته: ألّا نتعب، ألّا نيأس، ألّا نساعد العدوّ، ألّا نكسل، وأن نزيح البطالة والتقاعس من حياتنا.

الحضور والتّضحية والمواصلة وشجاعة الإمام والناس في الثورة الإسلامية والساحات
بالطبع الشعب الإيراني يتمتع بهذه الخصائص. وللإنصاف شعب إيران لم يتعب، وقد شاهدتم واحدة من الأمثلة على ذلك في التشييع العجيب لجنازة الشهيد سليماني، ولاحقاً في 22 بهمن هذا العام مع هذه الأوضاع «الكورونية»، كيف دخلوا الميدان بمبادرة جديدة وبحماسة وشوق ولم يدَعوا [مسيرة] 22 بهمن تُعَطّل، وكذلك في قضايا متنوعة أخرى. ظهرت هذه الخصائص نفسها في انتفاضة بهمن في تبريز. أي الشجاعة والجهد المستمر والمواصلة والأمل، [بل] الدخول إلى الميدان والتضحية. لقد كان على هذا النحو أيضاً في الأيام التي سبقت الثاني والعشرين من بهمن في طهران وفي عدد من المدن الأخرى. أولاً الإمام (رض) في الواقع هو مَن تحرك في مقدمة الجموع. فلو لم يكن الإمام شجاعاً، ولو خاف أو يئسَ أو تعبَ أو كسلَ، ما جرت هذه الحادثة العظمية. في قضايا الأيام الأخيرة للنهضة التي أدت إلى انتصار الثورة الإسلامية، كان الإمام يراقب الأحداث لحظة بلحظة ومنخرطاً في المستجدات حتى وصل إلى النقطة التي رفض فيها حالة الطوارئ العسكرية، وجرّ الناس إلى الشوارع وانتهت القضية. [ثانياً] أظهر الناس أيضاً الشجاعة ولم يخافوا ودخلوا الميدان وكانوا حاضرين بالمعنى الحقيقي للكلمة.

المثابرة والاستقامة في المسير ضروريّة لحلّ مشكلات البلاد
كلما كان هذا الجهاد، كانت الهداية الإلهيّة أيضاً. أي عندما كان هذا الجهاد، وظهرت هذه التضحية بالنفس، لن يتركنا الله – تعالى –؛ {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (العنكبوت، 69). عندما يجاهد عباده، سيمنّ الله – تعالى – عليهم بهدايته. إضافة إلى الهداية الإلهية سوف يكون النجاح والتقدم؛ قال – تعالى –: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} (الجن، 16). «ماء غدقاً»، أي كثيراً من الماء الصافي والزلال إذ يقول المفسّرون إنه إشارة إلى حل مشكلات الحياة جميعاً. إنْ ثابرتم على هذا الطريق، باستقامة – الاستقامة تعني تجنّب الانحراف -، وتحرّكتم في الاتجاه الصحيح، وتحرّكتم في هذا الصراط المستقيم، فستحلّ مشكلات الحياة بالتأكيد، وستزول الصعوبات، وستُعالج نقاط الضعف. يجب أن نلتفت دائماً إلى هذه النقطة. إنّ المسار الذي سلكه الشعب الإيراني في منتهى الأهميّة. علينا أن ندرك هذه الأهمية.

إنجازات الثورة الإسلامية لإيران
إنجازات الثورة عظيمة حقّاً ومُدهشة. لسوء الحظ، لم نفعل كثيراً لشرح هذه الإنجازات. أحياناً يُقال شيء ما في كلمة هنا أو خطاب تلفزيوني هناك، لكن ثمة أكثر من ذلك بكثير لقوله عن إنجازات الثورة. في الواقع، حقّقت الثورة إنجازات هائلة في المجالات الأهم للحياة الاجتماعيّة، وسأذكر منها الآن اثنين أو ثلاثة.
1- التقدّم العلمي للبلاد
الأوّل أن الثورة قد بدّلت وجه البلاد، وجه إيران، من بلد متخلّفة علمياً وكانت تقبع في المراتب الأخيرة لدول العالم، وطُفيلية سياسياً أمام سياسات القوى العظمى، وتابعة اقتصادياً وتسيطر عليها قوى عظمى، أي كان اقتصاد بلدنا في أيدي دول كبرى مثل أمريكا في مرحلة وبريطانيا في مرحلة أخرى، استطاعت أن تحوّل هذا الوجه إلى دولة حرّة مستقلة وعزيزة، وذات إنجازات علمية كبيرة في التخصّصات الحيوية.
إيران اليوم، حاضرة في التخصّصات المهمة بين أوّل خمس دول أو ست أو عشر على الأكثر. وهذه التخصّصات مهمّة للغاية. تطوّرت البلاد في هذه الأقسام وصارت مستقلة وحرّة ومشرّفة. هذا من أهم الأشياء التي فعلتها الثورة.
2- تحويل الشّعب الإيراني إلى مفعم بالعزّة والحيويّة
النقطة الثانية أنها أخرجت الشعب الإيراني من حالة الخمول والضياع والتبعيّة، وحوّلته إلى شعب نشيط وحيوي وهادف وعزيز ومشرّف في العالم. لم يكن الأمر هكذا قبل الثورة. كان الناس مطئطئي الرأس، ومشغولين بحياتهم الخاصة. لم يكن هناك أبداً وجود لهدف سامٍ، أو عمل عظيم، أو رؤية واسعة للقضايا العالمية. ربما كان الأمر مثل ذلك لعدد معيّن في البلاد، لكنّ الوضع العام لم يكن كذلك. اليوم، الشعب الإيراني مُفعم بالحياة، شعب عزيز، مع وجود كل هؤلاء الشباب النشيطين. أشرت في خطاب سابق9 إلى أنّ هناك آلاف النُّوى العلمية الشابة في البلاد اليوم. ثمة عدد من المجموعات المختلفة المنشغلة بالعمل العلمي، والعمل التقني، والعمل الاجتماعي. مثلاً حضور الشباب في قضيّة «كورونا» أحد النماذج - كما قال إمام الجمعة10 - في المساعدات النابعة من الإيمان، ومواساة المحتاجين. الشباب يدخلون الميدان ويعملون. هذه الأشياء لم تكن موجودة في الماضي إطلاقاً. [الثورة] غيّرت الشعب من حالة الخمول إلى النشاط. هذا جزء أيضاً.
3- تحوّل إدارة البلاد من حكومة استبداديّة إلى شعبيّة
النقطة الثالثة المهمّة للغاية أنّها حوّلت إدارة البلاد من مَلَكيّة استبدادية وحكومة فردية إلى حكومة شعبيّة وجمهوريّة وذات سيادة شعبيّة. اليوم الشعب يحدّد مصيره بنفسه. الناس هم الذين يختارون. قد يكون اختيارهم سيّئاً لكن هم من يختارون. هذه مسألة مهمة للغاية. لم يكن هذا الحق متاحاً في تلك الأيام، وكانت البلاد استبدادية وكل شيء في يدهم (الحُكّام). واحد من الشخصيات الأمريكية الشهيرة من أصدقاء محمد رضا [بهلوي] يقول إنه عندما ذهب إلى إيران، أخبر محمد رضا أن رئيس الوزراء كذا وكذا شخص فاشل. قال له: لا تهتمّ، أنا من يفعل كلّ شيء. كان الواقع هكذا. كل شيء في يد شخص واحد هو يقرر [ويتصرّف]. الناس لم يكونوا شيئاً إطلاقاً. ليس الناس فحسب، بل حتّى المسؤولون والمعنيّون في الدولة لم يكونوا شيئاً إطلاقاً. هذا جزء آخر أيضاً.
4- خدمات البناء في الدولة
أيضاً خدمات الثورة في بناء البلاد. في الواقع، أتعجب كيف لا يرى بعضهم ذلك ويقولون كلاماً آخر؟ هذا الحدث المهم في خدمة الناس في البنى التحتية الرئيسيّة! تم إنشاء كل هذه البنى التحتية الرئيسيّة في البلاد: الطرق والسدود وإمدادات المياه والكهرباء وإمدادات الغاز وتطوير الصناعة والتحديث الزراعي والتوسّع المذهل للجامعات. في كلّ مدينة صغيرة هناك جامعة. كل هذه الجامعات، كل هؤلاء الطلاب! لنفترض مثلاً أنه من 150 ألف طالب في ذلك اليوم وصلنا فجأة إلى عشرة ملايين طالب، 15 مليوناً. لدينا اليوم ثلاثون ضعفاً أو أربعون من عديد الطلاب في ذلك اليوم، طلاب في جامعات مختلفة. هذه أعمال بناء، وهي مهمّة جداً. وهذا مفخرة. في الحقيقة الثورةُ وراءه، فلو كانت الحكومة عادية وغير ثورية، لم تستطع فعل كل هذا.
5- تعزيز القدرات الدفاعيّة والعسكريّة للبلاد
إضافة إلى ذلك هناك تعزيز القدرات العسكرية والدفاعيّة في البلاد. هذا البلد لم يستطع الصمود أكثر من بضع ساعات أمام هجوم عدد قليل من القوات البريطانية وغير البريطانية في الحرب العالمية الثانية، لكن جميع القوى العالمية، وهي أمريكا والاتحاد السوفييتي وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وغيرها، والحكومات الرجعيّة، حاربت إيران ثماني سنوات تحت اسم صدّام [حسين] - حرب دوليّة بالمعنى الحقيقي للكلمة - وبعد ثماني سنوات لم تستطع فعل شيء، بل طُرِدوا خارج الحدود على يد قواتنا العسكريّة والدفاعيّة والشعبيّة. هذا ليس أمراً بسيطاً. بل يعود إلى السنوات الأولى للثورة، إلى العقد الأول من الثورة حين حدثت مثل هذه الحركة العظيمة. اليوم، بحمد لله، وضع قواتنا العسكرية أفضل بكثير. أي لا يمكن القول عشرة أضعاف، بل ازدادت قدراتنا عشرات الأضعاف عن ذلك اليوم. واليوم، بفضل الله، بلدنا قوة إقليمية كبيرة من الناحية الدفاعية، وقوة دفاعية جبّارة على الساحة الدولية.
حسناً، إنّ تعاظم المؤامرات المختلفة ضد البلاد يوماً بعد يوم على يد النظام الأمريكي والنظام الصهيوني، وبعض الدول الأوروبية، إنّما لأنهم يرون أن [عجلة تقدّم] البلد لا تتوقّف، والثورة لا تتوقّف، بل تتحرّك باستمرار إلى الأمام. هذا يدفعهم إلى ابتكار مؤامرة جديدة كل يوم. وبالطّبع، إنّ قدرة الشعب الإيراني والمسؤولين والمعنيين بأمور البلاد ستحبط هذه المؤامرات، إن شاء الله.

الإقرار بالتأخّر في بعض القطاعات، وضرورة العمل الثّوري لمعالجته
حسناً، هذه إنجازات الثورة وهي ليست أمراً بسيطاً. نحن بحاجة إلى معرفة هذه الإنجازات. بالطّبع، نحن لم نخفيها أبداً، ولم نخفِ أيضاً أننا متأخّرون في بعض المجالات. التأخّر غير مقبول إطلاقاً. نحن المسؤولون عن هذا التأخّر، ونحن المقصّرون. قد يكون للناس دور أيضاً في بعض المجالات. يجب تعويض هذا التأخّر. هذا لأننا لا نتصرف بطريقة ثورية. أينما عملنا بثورية، لم يكن هناك تأخّر أو تراجع، وحيثما لم نتصرّف بثورية، أي عملنا بطريقة غير ثورية، وفعلنا حركة تنشأ من الضعف وقلة الالتفات، كان هناك تراجع. في الدرجة الأولى ثمة مسألة المعيشة للفقراء. نحن متأخّرون في هذا المجال، وهناك انقسامات طبقية. بالطّبع، يجب أن أقول إنه حتى في هذا المجال حيث نحن متأخّرون فإننا متقدمون بمراتب مقارنة مع ما قبل الثورة. لا يتصوّرن أحدٌ أن الوضع قبل الثورة كان مثلما هو اليوم! أبداً لم يكن كذلك.
في تلك الأيام، كنت حاضراً في ميدان العمل، ولنا علاقات مع طبقات مختلفة، الطبقات الفقيرة، في مشهد وحيث كنّا. لم نكن غافلين عن أوضاع أماكن أخرى. كان الوضع مختلفاً تماماً عن اليوم، وسيئاً للغاية. اليوم تقدّمنا من تلك الناحية أيضاً، لكن هذا [المكان] الذي نحن فيه اليوم لا يليق بمكانة بالثورة. يجب أن نتقدّم أكثر من ذلك بكثير. يجب القضاء على الانقسام الطبقي وإرساء العدالة الاقتصادية في البلاد بالمعنى الحقيقي للكلمة. هذه وظيفتنا، وهذا عملنا. علينا ذلك. قبل الثورة كان عدد سكان البلاد 35 مليوناً، واليوم بات 85 مليوناً. في ذلك اليوم، كنّا نستخدم عائدات النفط أضعاف اليوم - نبيع النفط ونستخدم عائداته - ومع العقوبات التي تمّت إضافتها لا نبیع هذه الكمية من النفط أبداً - كما كانت الحال قبل الثورة حين كانوا يبيعون ستة ملايين برميل من النفط يومياً، كما هو مشهور - ورغم ذلك، تمّ إنجاز بعض الأمور، بحمد الله، لكن هذه الأمور قليلة جداً.

تضخيم الإخفاقات: حرب العدوّ النفسية لزرع اليأس في الناس
التفتوا إلى هذا: العدوّ ينشر إخفاقاتنا، ويشنّ حرباً نفسيّة، ويعتمد عليها! يعمد إلى تضخيم الإخفاقات أضعافاً مضاعفة عمّا هي عليه. بالطّبع، لا يُظهر أبداً أيّ تقدّم ونجاح ولا يشير إليه، ويخفي التقدّم عمداً. هذا من أجل أن يزرع اليأس في نفوس شبابنا، ولجعل شعبنا متشائمين بشأن المستقبل. يجب ملاحظة ذلك لكنّهم لا يتورّعون عن الكذب أيضاً. بالطّبع هم يبالغون في الأشياء [لكن] يكذبون في بعض الحالات. وبعض عناصرنا الداخلية بسبب الغفلة – يمكن أن يكون بعضهم مُغرضين، لكن غالباً بسبب الغفلة – يكرّرون ويردّدون كلامهم (العدوّ). لدينا هذه الاضطرابات، وهناك بعض الإخفاقات التي تحتاج معالجة.

الحاجة إلى تعزيز الحساسية لدى الناس تجاه المشكلات والفساد
إنّ شعبنا اليوم أكثر حساسية لهذه الاضطرابات مما كانت عليه الحال بداية الثورة. اليوم الناس أكثر حساسية تجاه الفساد، وتجاه الفواصل الطبقية، مما كانت عليه بداية الثورة. هذا ليس أمراً سيّئاً. هذا جيّد جدّاً. ويدلّ على أن الناس على دراية بمُثُل الثورة ويتابعون تلك المُثل، ولذلك يحتجّون. إنّهم يحتجّون على الفساد، فحيثما هناك معركة ضد الفساد، يبدي الناس اهتماماً ودعماً وتشجيعاً. عندما تكون هناك حركة لمساعدة المستضعفين والفقراء، وإقامة العدل، يُظهر الناس الدّعم. هذا مهمّ جدّاً ويُظهر ميول الناس. يجب تعزيز ذلك.

تعويض الإخفاقات والضعف بالإنجازات
من واجبنا تعويض الإخفاقات والضعف بالإنجازات. التفتوا! هذه نقطة مهمّة. لدينا إنجازات بينها الشباب المهتمون والمبتكرون والقوى العاملة والجاهزة للعمل. هذه بعض إنجازاتنا. علينا تعويض الإخفاقات والضعف بالإنجازات. العدوّ يقول عكس هذا. هو يُشير إلى الإخفاقات ويقول: انظروا إلى الإخفاقات فقط، وانسوا الإنجازات، وتخلّوا عن مسار الثورة الإسلامية! هذا كلام العدوّ. نحن نقول العكس؛ يجب القضاء على الإخفاقات ونقاط الضعف بالإنجازات، ورؤية الإنجازات الكثيرة والاستفادة منها في إزالة نقاط الضعف، إن شاء الله.
لحسن الحظّ الشغف الثوري حيّ في نفوس الناس. كما قلت، كان لدينا تشييع عجيب ومنقطع النظر حقّاً. لم نشهد قطّ في تاريخ البلدان مثل هذه الجنازة التي شارك فيها الناس في أنحاء البلاد. كانت منقطعة النظير! ثم في القضايا اللاحقة أيضاً، [ذكرى انتصار الثورة في] الثاني والعشرين من بهمن هذا العام، أظهروا، بحمد الله، العاطفة الثورية. لذلك، دعونا نستفِد من الماضي في بناء المستقبل وتمهيد الطريق نحو الهدف.

علاج الأوجاع المزمنة للبلاد بالانتخابات الحماسيّة واختيار الأصلح
سأتحدّث بجملة واحدة حول الانتخابات. الانتخابات في بلدنا فرصة عظيمة. لا ينبغي تفويت هذه الفرصة. بالطّبع، معارضو الجمهوريّة الإسلامية لا يريدون للجمهوريّة أن تغتنم هذه الفرصة. الانتخابات لها هذه الخصائص: إنها فرصة للشعب، وفرصة كبيرة لتقدّم البلاد، وتُظهر العاطفة الثورية للشعب. عندما يشارك الناس في الانتخابات ويظهرون حماستهم الثورية، سيجلب ذلك الأمن إلى البلاد. هذا يصدّ الأعداء ويقلّل من طمع العدوّ. فكلما كانت الانتخابات أكثر حماسة وأتت بإقبال شعبي عند الناس، زادت آثارها وفوائدها على البلاد والناس أنفسهم. بالطّبع، أشرت إلى أنّ الأعداء لا يريدون هذا. ولذلك كلما اقتربت الانتخابات - في جميع الدورات، وقد أجرينا نحو أربعين عملية انتخاب على مرّ هذه السنوات – يبدؤون [حملاتهم]، فأحياناً يقولون إنه لا توجد حرية، وأحياناً إن هناك تدخّلاً، وأحياناً إنها [انتخابات] مُهندَسة... كل ذلك من أجل تثبيط عزيمة الناس عن المشاركة. هذا عمل العدوّ. لكنّ حقيقة الأمر أنّ الانتخابات فخر للبلاد وفرصة وإمكانيّة وذخيرة، وإذا كانت مشاركة الشعب حماسيّة، هي بالتأكيد ستساهم في مستقبل البلاد. بالطّبع، إن كانت مشاركة الناس مصحوبة بالاختيار الصحيح أي يجري اختيار قوّة فعّالة ومخلصة ومتحمّسة ومهتمّة عبر الناس، فهذا نورٌ على نور، وسيضمن مستقبل البلاد.
في ما يتعلّق بالانتخابات هناك فرصة في الأشهر المقبلة، ولديّ الكثير لأقوله إذا ما بقينا على قيد الحياة. اليوم أردت قول هذه الجملة. أودّ القول إنّ علاج الآلام المُزمنة للبلاد هو في المشاركة الحماسيّة في الانتخابات والحضور العام للشعب، ثمّ اختيار الأصلح، اختيار الشخصيّة المناسبة في الانتخابات الرئاسيّة.

العمل مقابل العمل... قرار الجمهوريّة الإسلامية في الاتفاق النووي
الكلمة الأخيرة حول الاتفاق النووي. حسناً لقد تحدّثت عن الاتفاق النووي، تحدّثت أخيراً وبإسهاب. لقد أعلنّا سياسات الجمهورية الإسلامية بشأن الاتفاق النووي بصورة مطلقة. أكتفي اليوم بقول هذه الكلمة: لقد سمعنا كثيراً من الكلام والوعود الجيّدة التي نُقضت عملياً وعُمل عكسها. الكلام غير مُجدٍ. الوعود غير مجدية. هذه المرة بالعمل فقط! العمل! إن رأت الجمهورية الإسلامية عمل الطرف المقابل، فستعمل [بالتزاماتها]. الجمهورية الإسلامية لن تقتنع هذه المرة بالكلام والوعود وأننا سوف نفعل هذا وذاك! لن يتكرر ما حدث سابقاً.
إلهي، بمحمّد وآل محمد، أنزل بركاتك ولطفك ونعمتك على أهالي تبريز، وأهالي أذربيجان – أذربيجان الشرقيّة والغربية وأردبيل – وعلى عموم الشعب الإيراني. إلهي، بمحمّد وآل محمد، احشر الروح الطاهرة لإمامنا [الخميني] العظيم التي فتحت لنا هذا الطريق مع أوليائك. إلهي، أرضِ عنّا الأرواح الطيّبة للشهداء الأعزاء. إلهي، أرضِ عنّا الوجود المقدّس لوليّ العصر - أرواحنا فداه - وليشمل دعاء هذا العظيم حالنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الهوامش:
1-    بداية هذا اللقاء الذي عُقد على شكل اتصال متلفز، تحدّث حجّة الإسلام والمسلمين السيد محمد علي آل هاشم (ممثّل الولي الفقيه في محافظة أذربيجان الشرقية وإمام جمعة تبريز).
2-    الميرزا حسن الآشتياني.
3-    الثورة الدستورية الإيرانية بين 1905 و1911 وأدت إلى إقامة مجلس نواب في عهد السلالة القاجارية.
4-    الميرزا علي ثقة الإسلام التبريزي.
5-    الشهيد آية الله السيد محمد علي القاضي الطباطبائي.
6-    صحيفة الإمام، ج. 3، ص. 353، نداء إلى أهالي محافظة أذربيجان (27/2/1978).
7-   حزب خلق المسلم (بالفارسي حزب خلق مسلمان، وخلق يعني شعب). تأسس هذا الحزب في 1979 على يد آية الله السيد محمد كاظم شريعتمداري، وإثر  تنظيم الحزب احتجاجات في بعض المدن وافتعاله أعمال شغب وفوضى ومحاولاته تقسيم إيران بدعم من بعض الدول الأجنبيّة، أُعلِن حل الحزب في 1980 وتمّت محاكمة بعض الأشخاص..
8-    للشاعر مهرداد أوستا (بتصرّف).
9-    خلال لقائه مع النخب العلميّة الشابّة في 18/10/2017.
10-    السيّد محمّد علي آل هاشم.