نبارك للجرحى وسماحة الإمام الخامئني

يجب أن نبارك للأخوة والأخوات الجرحى في يومهم الذي نلتقي فيه من كل عام والذي اختير بحق يوم ولادة أبي الفضل العباس عليه السلام ليكون يوماً للجريح، هذا اليوم هو يوم لكل الجرحى، جرحى المقاومة الاسلامية في لبنان، لكل جريح مقاوم على امتداد الارض، لكل المضحّين والصّابرين ومن الذين هم معنيّون بهذه المناسبة ومن عداد هؤلاء الجرحى هو سماحة الإمام القائد السّيد الخامنئي دام ظله الشريف، الجريح الذي لا يزال يحمل أثار جراحه، أيضاً أبارك للإخوة والأخوات الجرحى يومهم وعيدهم هذا. نحن في مثل هذا اليوم من كل عام نجتمع نحتفل نلتقي لنعبّر عن اعتزازنا بكم، لنحتفي بكم، نحتفل بكم ونعبّر عن اعتزازنا بكم، عن اعتزازنا وافتخارنا بجهادكم، بتضحياتكم، بصبركم وتحمّلكم وثباتكم حتّى النهاية.

الدروس والعبر من أحداث روسيا واوكرانيا

أيها الأخوة والاخوات، ما يجري من حولنا من احداث يجب أن يقوي وعينا وبصيرتنا وفهمنا للأمور واستنتاجنا للمعادلات وأخذنا للعبر والدروس، من هنا أدخل الى مجريات الاحداث التي تشغل بال الناس في هذه المرحلة. أبدأ من أحداث روسيا - اوكرانيا لأقول هي أحداث مهمة جداً لجهة أخذ العبر والدروس.

1) معايير أميركا لا تخضع للقيم الإنسانية 

النقطة الأولى، تقول مندوبة الولايات المتحدة الامريكية في مجلس الامن الدولي ما نصّه: إنَّ أي هجوم على المدنيين – هي تخاطب روسيا – يعتبر جريمة حرب ونحن نوثّق كل شيء – اننا نحن نوثق لكم كل شيء وسنحاسبكم لاحقاً يا جماعة روسيا على جرائم الحرب التي ترتكبونها – هي تقول هذا لروسيا، لكن ماذا تقول عن مجازر المدنيين التي ارتكبها الامريكيون في كل حروبهم، ليس هنالك من حرب خاضها الامريكان تخلو من هجوم على المدنيين ومجازر وقتل للمدنيين وبشاعات بحق المدنيين والاهداف المدنية، من هيروشيما ونكازاكي والقنبلة النووية التي ما زالت تداعياتها واثارها البيئية والصحية حتى اليوم، الى العراق والحصار على العراق وتجويع العراق وموت عشرات الالاف من اطفال العراق نتيجة الحصار وبعد ذلك الغزو، وباعترافهم هم انهم قتلوا عشرات الالاف من المدنيين العراقيين، وفي افغانستان عشرات الالاف من القتلى الشهداء المدنيين الافغان، لطالما قامت الطائرات الامريكية بقصف اعراس افغانية حولوها الى جنائز وادّعوا بعد ذلك انها كانت معسكرات تدريب وفيها نساء واطفال وكبار في السنّ ويدّعون بأنها معسكر تدريب، حسناً ماذا عن مجازر الصهاينة في فلسطين منذ أكثر من سبعين عاماً والمجازر التي يرتكبها بين الحين والاخر، وجرائم الحرب الصهيونية الاسرائيلية في فلسطين، ماذا عن حصار غزّة!؟ اليوم العالم كلّه يبكي بسبب ان المدينة الاوكرانية الفلانية محاصرة وهي لم تتعدى ايام من الحصار، غزّة منذ سنوات طويلة، 15 سنة محاصرة والعالم صامت، ماذا عن مجازر العدوان السعودي الامريكي في اليمن!؟ وعشرات الاف الشهداء المدنيين في اليمن من أطفال ونساء ورجال وكبار وصغار! وكل الاثار المدنية تدمّر في اليمن! ماذا عن حصار اليمن منذ 7 سنوات والان يشتد الحصار في المشتقات النفطية ورأينا أمس المظاهرات الغاضبة في المدن اليمنية والعالم كله صامت، لانهم ببساطة هؤلاء جميعهم ليسوا من ذوي البشرة البيضاء وعيونهم ليست زرقاء وإن كان فيهم من هو من ذوي البشرة البيضاء وذات الشعر الاشقر والعيون الزرقاء – لا يخلو الامر – لكن لأن هؤلاء لا ينتمون الى عالم الرجل الابيض، انا ادعي اكثر من هذا، حتى من ينتمي الى عالم الرجل الابيض عند امريكا هو مجرّد وسيلة وسلعة واداة وليس له قيمة انسانية وعندما نتحدّث عن اوكرانيا ايضاً نفس الأمر، على كل، إذاً إنطلاقاً من منطق مندوبة الولايات المتحدة الامريكية كان يجب اليوم قبل ان تهدد روسيا وغيرها بالمحاكمة كان يجب عقد عشرات ومئات الاف المحاكمات للامريكيين والبريطانيين وللجيوش الغربية والاوربية على جرائمها في الجزائر في ليبيا في تونس في افريقيا في كل اصقاع العالم، الهند، باكستان.. إذا اراد أحد ان يفتح هذه الملفات ينطلق من هذه المعايير.. يوماً بعد يوم يتأكد هذا المعنى، يوم الجمعة الماضي في باكستان في بيشاور صلاة جمعة يأتي انتحاري ويفجر نفسه ويقتل عشرات الشهداء ومنهم امام المسجد، وعشرات الجرحى والعالم كله يسكت، ومن الطبيعي ان يسكت لأن هؤلاء التكفيريين الانتحاريين هم صنيعة الـ سي اي اي، هم صنيعة أمريكا، هم ‏خدم المشروع الأمريكي، يجب أن يسكت العالم لأن أميركا وأدوات أميركا في الموضوع. ‏

كان يجب اليوم قبل أن تهدد روسيا وغيرها بالمحاكمة، كان يجب عقد عشرات ومئات آلاف جلسات ‏المحاكمة للأميركيين وللبريطانيين وللجيوش الغربية والأوروبية على جرائمها في الجزائر، في ليبيا، في ‏تونس، في أفريقيا، في كل أصقاع العالم، في الهند، في باكستان، إذا كنا نريد أن نفتح هذه الملفات ننطلق ‏من هذه المعايير. ‏

يوماً بعد يوم يتأكد أن معايير أميركا لا تخضع للقيم الإنسانية وللقيم الأخلاقية والقانون الدولي والحقوق وما ‏شاكل، هناك مصلحة أميركا السياسية والاقتصادية وهيمنتها، حيث تقتضي مصلحتها السياسية أن تدين، ‏تدين، حيث تقتضي مصلحتها السياسية أن تدعم، تدعم، هي في مجازر إسرائيل هي ليست فقط لا تدين، ‏هي تمنع مجلس الأمن أن يدين، تمنع العالم أن يدين، تدافع عن القاتل والجزّار وسفّاك الدم، هذه هي حقيقة ‏الولايات المتحدة الأميركية التي نعرفها، لكن نقول هذا ونستفيد من الأحداث لمن لا يتبين فليتبين ولمن ‏تبين ليزداد وعياً وبصيرةً ووضوحاً في الرؤية. ‏

2) الثقة بالأميركيين جهل وحماقة

النقطة الثانية، كل يوم تقدم شواهد في العالم على أن الثقة بالولايات المتحدة الأميركية غباء - أريد أن ‏أتحدث عن هذا الموضوع لأدخل منه إلى لبنان – الثقة بالأميركيين غباء، الثقة بالأميركيين حماقة، الثقة ‏بالأميركيين جهل، الثقة بالأميركيين تفريط بالأمة وبالوطن وبمصالح الناس، هذا يعني الثقة بالأميركيين. ‏

قبل أشهر عشنا جميعاً، كل العالم شهد بعينه تجربة الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان وكيف تخلت ‏وكيف تركت، ومشهد الطائرة والمطار لا يغيب عن بال أحد، والتصريحات التي نقلت عن المسؤولين ‏الأفغان الذين كانوا عملوا لسنوات طويلة مع الأميركيين، رئيس أفغانستان الهارب يقول خطئي كان – ‏هذا من؟ هذا كان عند الأميركي 100% ، الأميركي يقول لا تجلس مع طالبان لا يجلس ولكن هم ‏يجلسون، لا تذهب إلى طهران لا يذهب، إذهب إلى هذا البلد يذهب، كان خاضعاً بالكامل للأميركي – ‏يقول خطئي كان الوثوق بالولايات المتحدة وشركائها الدوليين، ويدعي أنه كان يقول لهم أفكاره ورأيه ولا ‏يسمعوا له ولا يعبؤوا بأفكاره وآرائه، كانوا يعتبرون أنهم هم من يفكرون بطريقة صحيحة وهم ‏الاستراتيجيين وهم الذي لديهم معطيات، وهم من يقدّرون النتائج والعواقب، وكانت النتيجة ما شاهدناه في ‏أفغانستان، تركوا الناس. ‏

اليوم في أوكرانيا، كل العالم يعرف بأن أميركا وبريطانيا بشكل خاص وباقي الدول الأوروبية حقاً ‏مساكين، يعني الواضح أن هناك عدد من الدول الأوروبية لم يكونوا يريدون هذا المشكل، مثل ألمانيا مثلاً ‏بالدرجة الأولى، إلى حد ما فرنسا، دول أوروبية أخرى كان عندها إحساس " أنها ستذهب دعوسة بين ‏الأقدام"، سيضيعون، سيضيع دمهم بين القبائل، مصالحهم هي المهددة بالخطر. أميركا وبريطانيا التي ‏خرجت من الاتحاد الأوروبي ساقت أوكرانيا ودفعت بها إلى فم التنين، وطبعاً من خلال حساب دقيق لأن ‏بايدن أعلن باستراتيجيته أن أولويته المعركة مع روسيا ومع الصين، مع الصين لها حسابها ولها ‏مساراتها، المعركة مع روسيا كيف؟ هل سيشن حرباً عالمية!؟ لن يشن، لا يستطيع، إذاً كان المخطط الدفع ‏بأوكرانيا، الزج بأوكرانيا، تعطيل أي إمكانية اتفاق بين أوكرانيا وروسيا ودفعها إلى الحرب. ‏

الشاهد هنا، اليوم يمكنكم بعد مضي هذه الأيام أن تسمعوا رئيس أوكرانيا، رئيس وزرائها، وزير الخارجية ‏ونائب وزير الخارجية والمستشارين وكلهم، يمكنكم أن تفتحوا على الفضائيات وتسمعوا التصريحات، ماذا ‏يقولون؟ تركونا نقاتل وحدنا، يعني هم يا إما كانوا موعودين أنه إذا قاتلتم سنقاتل معكم، أو كانوا نتيجة ‏ثقتهم بالأميركي كانوا يتوقعون أنهم إذا قاتلوا سيقاتلون معهم، ولذلك هو اليوم يعبر عن خيبة أمل ويقول ‏تركونا وحدنا نقاتل، هذا رئيس أوكرانيا. يقولون لهم تعالوا وقاتلوا معنا فيردوا عليهم أننا لا نستطيع، ‏أنعرّض دولنا وشعوبنا للخطر، نذهب إلى حرب عالمية مدمرة من أجل أوكرانيا – هنا عندما قلت أنه ‏حتى الرجل الأبيض لا يعني لهم شيء - من أجل أوكرانيا وشعب أوكرانيا والرجل الأبيض في أوكرانيا!! ‏لا، لسنا جاهزين، قاتلوا لوحدكم أحبائي، نحن غير جاهزين للقتال. ولذلك كل يوم يقول لن نرسل أي جندي ‏أميركي إلى أوكرانيا، لن نرسل أي طائرة أميركية إلى أوكرانيا، أنت من " دفشتهم"، أنت من وضعتهم ‏بهذه المصيبة، طبعاً لا أدعو الأميركي للقتال، لا، نحن نأخذ عبرة ودرس للذين يثقون بالأميركي ‏ويراهنون عليه. يقول لهم – رئيس أوكرانيا – أقيموا حظراً جوياً في سماء أوكرانيا حتى لا تأتي الطائرات ‏الروسية وتقصفنا، يقولون لهم نعتذر ولا نستطيع لأنه إذا أقمنا حظراً جوياً معنى ذلك أن أي طائرة روسية ‏سنضربها يعني ستحصل حرب ونحن غير جاهزين للذهاب إلى الحرب من أجل أوكرانيا. يقول لهم أقيموا ‏حظراً كاملاً لصادرات النفط والغاز، هناك دول ليس عندها مشكلة ولكن هناك دول بصراحة قالت لا ‏نستطيع أن نستغني عن الغاز الروسي، وبعده الغاز يُباع وارتفع سعره، انظروا من ناحية عقوبات ومن ‏ناحية أخرى هو مضطر أن يشتري من روسيا غاز بأسعار عالية، هذا مثل. أعطونا طائرات، سلاح جو، ‏لا نستطيع لأنه إذا أعطيناكم بشكل مباشر يعني دخلنا في الحرب. هذه أليست عبرة؟ أليس بدرس؟ يعني ‏يقولون لهم أنتم قاتلوا نحن غير جاهزين لأن نقاتل من أجلكم، أقصى شيء نقوم به هو العقوبات والحصار ‏لأنه لدينا هدف أن نضعف روسيا من أجلنا وليس من أجلكم في الحقيقة، هذا حقيقة الموقف. ‏

اليوم لو قدر لأحد أن يدخل إلى قلوب وعقول المسؤولين في أوكرانيا لوجد قمة الشعور بالخذلان والخيبة، ‏ولذلك بدأ النزول عن الشجرة، الآن أصبح جاهزاً للتفاوض وأصبح جاهزاً للنقاش بحياد أوكرانيا وأصبح ‏جاهزاً للناقش بالمطالب الروسية، لماذا الآن أصبح جاهزاً؟ - إذا تركوه طبعاً – لأنه أدرك جيداً أن من ‏وعده أن يقف إلى جانبه ومن وثق به ومن راهن عليه ومن عوّل عليه تركه في منتصف الطريق. ‏