انعقد المؤتمر السابع للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) الخميس 1/9/2022 على مدار ثلاثة أيام في ضيافة جمهورية إيران الإسلامية. التقى المشاركون في هذا المؤتمر مع قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، السبت 3 أيلول/سبتمبر. ووصف الإمام الخامنئي، ضمن تأكيده المكانةَ البارزة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع)، المجمعَ بأنه «مهم وعظيم». وفي هذا الصدد، أكد قائد الثورة الإسلامية للمشاركين: «إن هذا المركز يجب أنْ يكون محط اهتمام واستلهام من المسلمين كافة. إنّ إنجازكم هو أنْ تتمكنوا من جعل هذا المركز المهم، أي المجمع العالمي لأهل البيت (ع)، مركزاً لمنح الإلهام للعالم الإسلامي وقلوب الأشخاص المريدين والمشتاقين وأرواحهم، في أنحاء العالم الإسلامي شتّى». في جزء آخر من كلمته، أشار الإمام الخامنئي إلى مقولة «رُهاب الشيعة» التي يثيرها عالم الاستكبار، وقال في هذا الصدد: «إنّ المنشأ والمبدأ لكلّ دعايات رُهاب إيران ورُهاب الشيعة واتّهام إيران بالتدخّل في هذا البلد وذاك هما غضب أمريكا وسخطها نتيجة إبطال مخطّطاتها».

في هذا السياق، أعدّ موقع KHAMENEI.IR الإعلامي حوارات مع عدد من الشخصيات البارزة في المجمع على هامش لقاء قائد الثورة الإسلامية بالمشاركين في المؤتمر السابع للمجمع العالمي لأهل البيت (ع).

 

جذور «رُهاب الإسلام» و«رُهاب الشيعة» في تاريخ الإسلام

كان نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أحد الشخصيات المشاركة في مؤتمر المجمع العالمي لأهل البيت (ع)، وتحدث عن وجهة نظره حول مؤامرة الأجانب في «رُهاب الإسلام» و«رُهاب والشيعة». وأشار سماحته إلى جذور «رُهاب الإسلام» و«رُهاب والشيعة» في تاريخ الإسلام، وقال: «أخبرنا الله - سبحانه وتعالى - في القرآن الكريم أن الأنبياء كانوا يُتهمون بالسحر والجنون والحديث مع الجن أو الأمور الأخرى التي تحاول أن تسقط منطق الأنبياء بالاتهامات والتزوير الباطل، وهذا ما يمارسه اليوم الغرب سواء أمريكا أو الدول الأوروبية أو الاستكبار العالمي عندما يتهمون المقاومة بالإرهاب ويتهمون الإسلام بأنه يرهب وأنه لا يطرح أطروحة كاملة وشاملة». وأشار الشيخ نعيم قاسم إلى الدور الذي يجب أن يؤديه العلماء في مواجهة «رُهاب الإسلام» و«رُهاب والشيعة»، قائلاً: «أملنا نحن العلماءَ وأمل الأمة كلها أن تبرز حقيقة الإسلام وأن تكون حاضرة في الميدان كما أمر الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}. وبمجرد وجودنا في الساحة سنبطل هذه المزاعم وسنثبت للعالم أننا أصحاب حق وأصحاب رسالة وأصحاب أرض وأصحاب أخلاق، فالاتهامات إنما هي جزء لا يتجزأ من المعركة التي يخوضها الكفر والانحراف العالمي ضد المؤمنين، والرد هو بالثبات على منهجنا على منهج أهل البيت (ع) وخط الإسلام المحمدي الأصيل».

 

سبب لجوء الأعداء إلى «رُهاب الإسلام» و«رُهاب الشيعة»

في ما بعد، شرحَ مفتي مدينة صور وجبل عامل في لبنان، الشيخ حسن عبد الله، سبب لجوء الأعداء والأجانب إلى «رُهاب الإسلام» و«رُهاب والشيعة»، فقال: «طبعاً هناك عاملان في هذه الفوبيا: عامل إعلامي، وهذا يعمل عليه منذ مدة طويلة الغرب والصهاينة والدول الكبرى، من أجل تشويه صورة الإسلام لأن الإسلام يشكل خطراً على الكيان السلطوي لهذه الدول، والثاني هو الجماعات التي وُلدت في رحم هذه الدول الاستكبارية وجاءت لتشوه الصورة الإسلامية». وواصل سماحته الحديث عن مسؤوليّة العلماء المسلمين وخاصة علماء الشيعة في التصدّي لممارسات الأجانب ضمن هذه الساحة، وأكّد قائلاً: «ما بين الذي يشوه الصورة الإسلامية باسم الإسلام وبين الدول الاستكبارية يكون من واجب علماء الدين إظهار هذه البدع وهذه الفتن وهذه الأكاذيب والأضاليل. من أولى أولويات المسؤولية الشرعية عند العلماء المسلمين عامة وعلماء الشيعة خاصة التصدي لهذه الآراء المنحرفة ودعوة المسلمين لتوحيد موقفهم وإظهار صورتهم على نحو حقيقي ومواجهة هذه الأضاليل الإعلامية التي تشاع من هنا وهناك».

 

الدعاية الإعلامية لعالم الاستكبار

في غضون ذلك، أشار قائد الثورة الإسلامية، في لقائه مع المشاركين في مؤتمر المجمع العالمي لأهل البيت (ع)، إلى الممارسات الدعائية للأجانب في مجال «رهاب الشيعة»، وقال: «إنّهم يحاولون بإمكاناتهم كلها والأساليب الدعائيّة شتّى بثّ رُهاب إيران ورُهاب الشيعة، كلّ على حدة». وفي هذا الصدد، يقول الشخصية البحرينية البارزة الشيخ عبد الله الدقاق الذي جردته المحكمة التابعة لنظام آل خليفة من جنسيته في نيسان/أبريل 2017: «يعمل الاستكبار والإعلام التابعة له على تشويه سمعة الدين، كما يقال إسلاموفوبيا أو شيعة فوبيا، فالإعلام الغربي يعمل على تشويه سمعة المسلمين». وأكمل موضحاً سبيل التصدّي لدعايات الأعداء بالقول: «ينبغي أن نقوم على جهد إعلامي رسالي أصيل يعمل على بيان حقيقة الأفكار الإسلامية وأن الدين الإسلامي هو دين الاحتضان لا دين التشتت وهو دين التفاهم لا دين التعصب، وللعلماء دور محوري وأساسي وكبير في بيان الأفكار الإسلامية الأصيلة وبيان حقيقة الإسلام المحمدي الأصيل».

 

المسؤولية الثقيلة الملقاة على عاتق أعضاء المجمع العالمي لأهل البيت (ع)

كذلك، لفت الإمام الخامنئي إلى المسؤولية الثقيلة لأعضاء المجمع العالمي لأهل البيت (ع) بالقول: «إن هناك حِملاً ثقيلاً على أكتاف أعضاء هذا المجمع. هذه الجملة المشهورة للأئمة (ع)، حين قالوا: «كونوا لنا زيناً»، موجّهة إلينا جميعاً، فينبغي أن نكون حريصين كلنا، والأمر أكثر توكيداً لكم. تتطلب أهمية عملكم أخذ هذه الجملة، «كونوا لنا زيناً»، بالاعتبار أكثر لدى هذا المجمع ومجموعة الأشخاص والأفراد في هذا المجمع نفسه». في هذا الصدد، يقول ابن العلامة المرحوم السيد محمد حسن فضل الله، السيد علي فضل الله، في شرح المسؤولية الجسيمة لعلماء الشيعة: «علماء الشيعة عليهم مسؤولية لأنهم ينطلقون من خط أهل البيت (ع) الذي كان دائماً هو الخط الذي يقف في مواجهة الانحراف والظلم والاستكبار وقدّم تضحيات كثيرة سواء كان بأئمته أو بالذين ساروا على نهج أئمة أهل البيت (ع)، فالمطلوب منهم أن يكونوا في المقدمة ليعبروا عن ولائهم وانتمائهم إلى أهل البيت (ع) لأن هذا هو التعبير العملي الذي يعبرون به. هناك طبعاً مسؤولية تقع على عاتق كل علماء المسلمين لأنهم مدعوون انطلاقاً من الإسلام نفسه إلى مواجهة الظلم، فقد جاء في القرآن الكريم: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}. المطلوب دائماً الوقوف في وجه ذلك». وتابع إمام جمعة بيروت كلامه حول دور العلماء في التصدّي لمؤامرات الأعداء في مجال «رُهاب الإسلام» و«رُهاب الشيعة» قائلاً: «المرحلة تحتاج إلى توحيد الجهود وتوحيد جهود العلماء سواء أكانوا العلماء المنتمين إلى خط أهل البيت (ع) أم علماء الإسلام».

 

الهجمة على علماء الشيعة بسبب إطلاقهم شعار «العدالة»

من ناحية أخرى، تحدث الإمام الخامنئي عن مقولتين مهمتين وبارزتين هما «العدالة» و«الروحانية»، وخاطبَ المشاركين في المؤتمر السابع للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): «لاحظوا! عندما ترفعون راية العدالة والروحانية، يكون أمراً طبيعياً في عالم يرتكز في سلوكه على التجبر وفي فكره على المادية – تماماً النقطة المقابلة للعدالة والنقطة المقابلة للروحانية - أن يحدث رد فعل». ثم أكمل قائد الثورة الإسلامية: «عندما تطرحون العدالة، سوف تعارضكم الحضارة والعالم القائمان على الهيمنة والاستكبار حُكماً. عندما تطرحون الروحانية، سيعارضكم العالم المادي الذي يرتكز كل شيء فيه على المادية ويُرجع مفاهيم العالم كافة إلى المال». وهذه هي القضية التي تناولها الأمين العام لـ«التحالف الإسلامي الوطني» في الكويت، الشيخ حسين المعتوق، حين قال: «علماء الشيعة وعلماء المسلمين عموما وظيفتهم هداية الناس وإقامة الحق وإقامة العدل. الله - عز وجل - يقول: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}، فهدف الدين هو إقامة القسط وبيان القسط والعدالة ومفاهيم العدالة ووجوب إقامة العدالة وبيان وجوب الإصلاح والإشراف على حركة الأمة في الإصلاح كما قام الإمام الخميني (رض) وبعده العلماء والآن بقيادة الإمام الخامنئي - دام ظله العالي - والحمد لله نحن نجد حركة علماء الدين أيضاً في هذا الاتجاه حركةً واعية، وعلماء الدين الآن - الحمد لله - يتصدون لهذه المؤامرات. في لبنان مثلاً، نجد على رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله، حفظه الله تعالى».

 

نجاح التشيّع في التصدي لنظام الهيمنة

بالإضافة إلى ما قيل، كان «نجاح الشيعة في التصدي لنظام الهيمنة» موضوعاً مهماً آخر ذكره قائد الثورة الإسلامية في لقائه بالمشاركين في مؤتمر المجمع العالمي لأهل البيت (ع)، فذكر سماحته في هذا الصدد: «يفتخر التشيّع بأنّه تصدّى بصدره لنظام الهيمنة وأوقف هذا التنين ذي الرؤوس السبعة الذي كان يتدخّل في شؤون حياة الدول والحكومات والشعوب كلها بأسلوب ظالم ومتجبّر». لذلك، من الواضح جداً أن المسلمين، بمن فيهم العلماء وأتباع التشيّع، يؤدون ولا يزالون دوراً مهماً في مواجهة الاستكبار وممارساته في مجال «رُهاب الإسلام» و«رُهاب والشيعة». وهنا، قال عالم الدين اللبناني البارز الشيخ عبد المنعم زين الذي هاجر إلى السنغال بناءً على توصية الإمام موسى الصدر لمتابعة شؤون المغتربين اللبنانيين: «الدور الذي يلعبه الغرب الآن ضد المسلمين في التشويش على سمعتهم يحتاج إلى رد مقابل، وعلماء الدين هم في الواجهة بلا شك. علماء الدين عليهم مسؤولية بيان حقيقة الأمر عند المسلمين وخاصة عند طائفة أهل البيت (ع)، وأن يبينوا أنّ هذا الكلام الذي يوصفون به، أنهم إرهابيون أو غير ذلك، أن هذا الكلام كذب وباطل. بالعكس نحن دعاة السلام ودعاة الأمان وقرآننا يعلن صراحة: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}».

 

قدرة العالم الإسلامي على إيقاف عالم الاستكبار

من النقاط البارزة في كلام قائد الثورة الإسلامية خلال لقائه بالمشاركين في المؤتمر السابع للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) إشارته إلى حقيقة أن العالم الإسلامي لديه القدرة على إيقاف عالم الاستكبار، فقال: «عندما يجري الحديث حول قضيّة التصدّي والمعارضة، يُطرح سؤال: هل نحن قادرون؟ هل نحن قادرون على المواجهة؟ جوابي هو طبعاً، ومئة بالمئة، نعم، نحن قادرون». وشرح سماحته قدرات العالم الإسلامي على هذا النحو: «قدرات العالم الإسلاميّ من أجل إيقاف الاستكبار ومن ثَمّ دفع عالم الهيمنة والاستكبار إلى الوراء قدرات مميّزة جدّاً، القدرات على المستوى البرمجي والصّلب أيضاً. القدرات على المستوى البرمجي هي معارفنا ومعتقداتنا. رؤيتنا للعالم رؤية مفعمة بالأمل، ورؤيتنا لمسار التاريخ وحركة التاريخ رؤية واضحة، رؤية مفعمة بالأمل. نحن نرتكز إلى قدرة عظيمة، وهي تمنحنا القوّة والأمل... هذا في ما يخصّ المستوى البرمجي. على المستوى الصّلب أيضاً هم استغلّوا مصادر العالم الإسلامي سنوات وزادوا قوّتهم عبر الاستعمار وأنواع الحيَل، لكنّ العالم الإسلاميّ يملك قدرات كثيرة تخوّله التقدّم: الأراضي الشاسعة والمصادر الاستثنائيّة القيّمة التي تعتمد عليها حياة البشر. أنتم ترون اليوم مدى الأهميّة لقضيّة النفط والغاز في العالم. حسناً، هذه ملكٌ للعالم الإسلاميّ، ويُمكن لهذا العالم أن يستفيد من هذه الأمور على أفضل نحو ممكن».