جاء نصّ رسالة التعزية كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم،
إنّا لله وإنّا إليه راجعون. 
مرة أخرى تتخضّب ساحة النضال الإسلامي الدامي في فلسطين بدماءٍ أُهرِقَت باطلاً لواحدٍ من أبناء تلك الأرض الحكماء المظلومين. على يد الغاصبين القتلة السفّاحين، نالَ الشهادة إنسان كان يُجاهد بقلبٍ مُفعمٍ بالإيمان والإخلاص دفاعاً عن أرضه ووطنه. ومرةً أخرى أثْبَت الصهاينة الذين ينعدم منهم الشرف والأخلاق أنّهم يرون القتل والجريمة أمرين مُباحَين ومشروعَين لتحقيق أهدافهم اللامشروعة. 
كان المجاهد والمؤمن والشجاع والمُفكّر والمخلص الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي أحدَ الوجوه اللامعة التي كانت سبباً لطلوع فجر النضال الإسلامي لشعب فلسطين في العقد الأخير، وقد ضحّى بكل ما كان لديه من طاقة وإمكانية، وضحّى الآن بنفسه العزيزة في سبيل هذا الجهاد المقدس. 
إنّ بزوغ الشمس الإسلامية من أفق النضال في فلسطين، الذي ضخّ في الشعب الفلسطيني المظلوم روحاً جديدة، قد بدأ عندما كان أدعياء قضيّة فلسطين الكاذبون يتجنّبون بشدّة ذكرَ اسم الإسلام في تلك الساحة التي هي إسلامية مَحْضة، أولئك الذين بِفَصْلِهم قضيّة فلسطين عن الإسلام ساقُوا - أعلموا بذلك أم جهلوا - قضيّة فلسطين نحو الزوال والفناء. في تلك الأثناء، رفع مجموعة من الشبان المتحمّسين المخلصين المؤمنين المفكرين، وفي مقدمهم شهيدنا العزيز الدكتور فتحي الشقاقي، راية «الجهاد الإسلامي»، بإسْتِلهامهم من الثورة الإسلامية في إيران، وبقلوبٍ مُفْعَمةٍ بعشق الإمام [الخميني] الراحل العظيم والولاء له، رغم عُمي قلوب المهزوزين العُملاء، ورغم الكيان الغاصب، ورغم أمريكا والمُستسلمين لها في المنطقة العربية، إذ أجْرَوا الدماءَ في شرايين الجهاد الفلسطيني الهزيلة، وأنهكوا تحت ضرباتهم العدوّ الذي كان يَخالُ لسذاجَتِه وأَمانِيه أنّ الجهادَ المُطالب بالحقّ قد انتهى. 
والآن، هذا المجاهد المؤمن المخلص نالَ الشهادة التي هي أُمنية المجاهدين المخلصين والصادقين كافة، ولكنّي أعلن من جهتي بصورة قاطعة أنّ هذا الموت الأحمر المُشرّف سيكون دافِعاً لاشتداد النهضة الإسلامية العظيمة في فلسطين، وستجعل مظلوميتُه المظلومين الفلسطينيين أكثرَ رسوخاً في جهادهم في سبيل الله.
إنّ الشعب الفلسطيني المناضل مُحِقٌّ إذا عَدّ خَوَنَةَ قضيّة فلسطين، سواءٌ أولئك الذين رغم وجوههم المُسْوَدّة يَعُدُّون أنفسهم فلسطينيين أو العرب غير الفلسطينيين، شركاءَ مع زعماء الكيان الصهيوني في هذه الجريمة وما شابَهَها من جرائم في السابق. 
لا ريبَ أنّها لن تكون آخر جريمةٍ للغاصبين الإرهابيين، ولكنْ لا شكّ في أنّ من سيحقّق النصر الحاسم في نهاية المطاف هي جبهةُ الحقّ لشعب فلسطين المظلوم المناضل. 
أبارك شهادة هذا المجاهد الفلسطيني البارز، وأقدّم تعازيَّ إلى أفراد الشعب الفلسطيني كافة خاصةً لحركة الجهاد الإسلامي المُباركة في فلسطين، وأخصُّ بالذكر عقيلتَه وأولادَه ووالديه وبقيةَ ذَويه ورفقاءَه. 
والسلام على عباد الله الصالحين جميعاً. 

السيد علي الخامنئي 
30/10/1995