في رأيكم ما هو السبب الرئيسي في إخفاق الكيان الصهيوني في المئة يوم الأخيرة من العدوان على غزة؟

هناك أسباب مجتمعة لهذا الأمر، لكن لو أردنا الحديث عن السّبب الرئيسي، فإنّ الإسرائيلي دائماً ما يرفع سقف أهدافه، ويضع نظريّاً مجموعة من الأهداف التي لا يستطيع تطبيقها عمليّاً، وهذا يعود إلى عدّة أمور، منها: أوّلاً، العناد والتكبّر، وهذه صفة المستكبرين؛ ثانياً، هو لا يجهل الشعب الفلسطيني، لكنّه يراهن على قدرته كسر إرادة هذا الشعب؛ ثالثاً، يعتقد الإسرائيلي أنّه يحيط علماً بكلّ ما يرتبط بالمقاومة؛ رابعاً، هو يشعر دائماً أنّه غير محاسب أو مسؤول عن أيّ شيء فيتمادى في ارتكاب الجرائم إلى أقصى الحدود وهذا يرتدّ عكسيّاً عليه بطبيعة الحال، سواء في الداخل أو الخارج؛ خامساً، هو دخل هذه الحرب وهو يعاني من انقسامات داخليّة ومشاكل كثيرة، وربّما اتّحد الداخل الإسرائيلي في اللحظات الأولى للحرب، لكن هذه الحرب وإشكالاتها سيكون لها انعكاساتها عليه وتبرز إشكالاته ومشكلاته. عليه، هو يُضطر إلى تخفيض سقف الأهداف شيئاً فشيئاً، وعندما يُجري مقارنة في نهاية الحرب مع ما كان يقوله في بدايتها، سيلاحظ وجود فارقٍ كبير. كان من الأفضل ألّا يرفع سقف توقعاته وأهدافه إلى هذا الحدّ، بل أن يكتفي بسقف متواضع ويبدأ برفع السقف تدريجيّاً. هذا في ما يرتبط بالإسرائيلي.

الأمر الثاني له صلة بالفلسطينيّين. أثبت الشعب الفلسطيني قدرته العالية على الصّمود، رغم كون إمكانات الصّمود قليلة جدّاً، وصحيحٌ أنّ هذا ما عوّدنا عليه الشعب الفلسطيني، لكن تحديداً في هذه الحرب ولكونها معركة وجود، ومرّت الذاكرة الفلسطينيّة سابقاً بمعركة تهجير، نجد ونلمسُ رفضاً فلسطينيّاً لإعادة تكرار المأساة التي أصابت الفلسطيني سابقاً. كما أنّ المقاومة بدأت بضربة قويّة جدّاً وهذا أعطى دفعاً معنويّاً كبيراً للنّاس، فرغم كون الجرائم التي أتت لاحقاً قاسية وغير محتملة، إلا أنّ الحرب بدأت هذه المرّة بطريقة مختلفة ومعنويّات عالية.