الكاتب: محمد مهدي عباسي
حقوق الإنسان، مفهومٌ دائماً ما كانت الولايات المتحدة الأمريكية من أبرز المدافعين عنه في أنحاء العالم جميعها، وقد استخدمته على مدار العقود الماضية بوصفه أداة لتمديد هيمنتها وانتقاد الحكومات الأخرى. كم من شعوب اتهمتها الحكومات الأمريكية المتعاقبة بانتهاك حقوق الإنسان، وكم من أراضٍ اجتاحتْها الولايات المتحدة تحت شعار نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان! لكنّ الحقيقة، كما تؤكدها تقارير متنوعة ونتائج بحثية، هي أنّ أمريكا اليوم تُعدّ أكبر منتهك لحقوق الإنسان في العالم.
انتهاك حقوق الإنسان داخل أمريكا
- في عام 2023، قُتل قرابة 1200 شخص على يد شرطة أمريكا. رغم أن ذوي البشرة السمراء يشكلون فقط 13% من المجتمع الأمريكي، ولكنّ 26% من القتلى كانوا من ذوي البشرة السمراء. كما أن نحو 20% من ذوي البشرة السمراء الذين قُتلوا على يد الشرطة كانوا غير مسلحين.[1]
- في العام الماضي، احتجزت الولايات المتحدة أكثر من 1.7 مليون مهاجر، من بينهم 45 ألف طفل، عند حدودها الجنوبية. لقد أسفرت ممارسات الحكومة الأمريكية تجاه هؤلاء المهاجرين عن وقوع ضحايا، إذ قُتل 557 مهاجراً على يد حرس الحدود. [2] يُعدّ هذا الرقم هو الأعلى منذ عام 1998، إذْ كانت أعداد القتلى في تزايد مستمر على مر السنين. كما احتُجز في العام الماضي، أكثر من 1.7 مليون مهاجر، من بينهم 45 ألف طفل، على الحدود الجنوبية لأمريكا.
- تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى في العالم من حيث عدد السجناء، إذْ بلغ عدد السجناء في سجونها قرابة 2 مليون شخص في عام 2023.[3] كما لدى أمريكا أكبر عدد من السجينات في العالم، إذ تشكّل النساء السجينات فيها ثلث السجينات في العالم.[4] على مدار السنوات الأخيرة، نُشرت تقارير متعددة عن الأوضاع الصحية المتدهورة في سجون أمريكا.
- رغم إلغاء نظام الرق والعبيد في القرن التاسع عشر وإجراء بعض الإصلاحات القانونية في الولايات المتحدة، لا يزال هناك كثير من حالات الظلم والتمييز ضد ذوي البشرة السمراء في المجتمع الأمريكي. أظهرت نتائج استطلاع رأي معتبرة في أمريكا أن 75% من الأمريكيين ذوي البشرة السمراء يخشون اليوم التعرّض للأذى والمضايقات بسبب لون بشرتهم وعرقهم.[5] كما تشير الإحصائيات في أمريكا إلى أن جرائم الكراهية ضد ذوي البشرة السمراء قد ارتفعت بنحو 40% في السنوات الأخيرة.
- لا يتمتع ذوو البشرة السمراء في أمريكا بوضع اقتصادي جيد مقارنة ببقية الفئات العرقية. تظهر الإحصائيات أن ثلث المشردين في مدينة لوس أنجلوس هم من ذوي البشرة السمراء،[6] وأن واحداً من كل ستة أمريكيين من ذوي البشرة السمراء قد عاش مدة من التشرد في حياته.[7] كما تكشف آخر التقارير عن وضع الإسكان لذوي البشرة السمراء أن نحو 20% فقط من المجتمع الأمريكي من ذوي البشرة السمراء يمتلكون منازل، في حين أن هذه النسبة تتجاوز 70% بين الأمريكيين من ذوي البشرة البيضاء.[8] هذه الفجوة تَظهر بوضوح في التفاوت في مستويات الدخل بين ذوي البشرة السمراء والفئات العرقية الأخرى أيضاً.
- تزداد الأوضاع الأمنية العامة في الولايات المتحدة سوءاً عاماً بعد عام، ولا تزال الجرائم العنيفة منتشرة في البلاد. في عام 2021، وقع 693 حادث إطلاق نار جماعيٍّ في الولايات المتحدة، بزيادة قدرها 10% مقارنة بعام 2020. كما لقي أكثر من 40 ألف مواطن أمريكي حتفهم في العام الماضي نتيجة لاستخدام الأسلحة النارية.[9]
- لا يزال تفشي ظاهرة التشرد في أمريكا معضلة أساسية. في عام 2023، قضى أكثر من 653 ألف مواطن أمريكي – على نحو متوسط - ليلتهم في الشوارع، حيث كانوا مشردين.[10]
- فقد نظام القضاء في أمريكا مصداقيته على مر السنين، ويحيطه كثير من الشكوك بشأن نزاهته. وفقاً للإحصائيات الرسمية المنشورة، هناك أكثر من 11,500 شخص مسجونين في الولايات المتحدة اليوم بالخطأ.[11] يقضي عدد من هؤلاء الأفراد جزءاً كبيراً من حياتهم في السجون، وفي حالات محدودة فقط يُعوَّضون. المثير للدهشة أن 14 ولاية في أمريكا لا تمتلك أي تشريعات قانونية تتعلق بدفع تعويضات للمسجونين نتيجة أحكام قضائية خطأ.
- تعد الولايات المتحدة من بين الدول التي تزدهر فيها صناعة الاتجار بالبشر والعمل القسري. تشير تقديرات وزارة الخارجية الأمريكية إلى أنه يُهرّب ما بين 14 إلى 17 ألف شخص إلى الولايات المتحدة سنوياً.[12] كما تشير التوقعات إلى أن أكثر من 300 ألف طفل في أمريكا معرّضون للاستغلال الجنسي.[13] في عام 2018، كانت الولايات المتحدة، إلى جانب المكسيك والفلبين، ضمن قائمة أسوأ الدول في مجال الاتجار بالبشر![14]
انتهاك حقوق الإنسان على مستوى العالم
- تُظهر آخر الأبحاث التي أجرتها جامعة براون أن الحروب التي تلت أحداث 11 أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 940 ألف شخص بصورة مباشرة. كما تشير تقديرات هذه الجامعة إلى أن بين 3.6 و 3.8 ملايين شخص قد لقوا حتفهم بصورة غير مباشرة نتيجة لهذه الحروب على مدار 23 عاماً.
- في أفغانستان وحدها، أسفرت عمليات الجيش الأمريكي العسكرية التي استمرت 20 عاماً، عن مقتل 174 ألف شخص، من بينهم أكثر من 30 ألف مدني. كما أشار تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» في ديسمبر 2021 إلى أن أكثر من 50 ألف هجوم جوي شنته الولايات المتحدة على العراق وسوريا وأفغانستان، قد أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين.[15]
- رغم الضغوط الإعلامية والسياسية الكبيرة على الحكومة الأمريكية، لا تزال سجونها المخيفة مثل غوانتانامو تعمل حتى الآن. تشير آخر التقارير الرسمية إلى أن ما يقرب من 40 شخصاً لا يزالون محتجزين في سجن غوانتانامو، ولم يُجرَ لمعظمهم أي محاكمة حتى الآن.[16]
- تعدّ وكالات الاستخبارات الأمريكية، مثل وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، من أبرز منتهكي حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم. بدءاً من إنشاء قواعد سرية للتعذيب في دول عدة وعمليات اختطاف كثيرة حول العالم التي كان من ضحاياها أفراد مثل خليل المصري وأسامة نصر،[17] وصولاً إلى المشاريع اللاإنسانية لهذه الوكالة مثل «مشروع إم كي ألترا»، الذي أجرى أثناء عقد من الزمن تجارب غير قانونية على مئات المواطنين الأمريكيين والكنديين.
- تاريخ الولايات المتحدة، الذي يمتد لقرون عدة، مليء بانتهاكات حقوق الإنسان أيضاً، كما هو الحال اليوم. من أبرز الشهود على هذا الادعاء هم الهنود الحمر في أمريكا. في سنوات اكتشاف أمريكا، وتحديداً في عام 1492، كان عدد الهنود الحمر في أمريكا حوالى 5 ملايين نسمة. انخفضت هذه الأعداد على نحو كبير، حتى وصل عددهم إلى 250 ألفاً فقط في قرون عدة نتيجة للمجازر الوحشية التي ارتكبها المهاجرون.[18] اليوم يعيش الهنود الحمر في الولايات المتحدة بوصفهم مواطنين من الدرجة الثانية وتُقمع حقوقهم الإنسانية بسهولة ويُستهان بها.
في الختام، تُظهر هذه الوثائق جميعها أن الولايات المتحدة، التي تروّج لنفسها أنها المدافع الرئيسي عن حقوق الإنسان في العالم، تمتلك سجلاً مظلماً ومثيراً للقلق في هذا المجال. الولايات المتحدة التي، بلا شك، تفتقر إلى أيّ مشروعية لانتقاد أوضاع حقوق الإنسان في دول أخرى، تعدّ المتهم الرئيسي منذ سنوات طويلة. الأمر الذي أشار إليه قائد الثورة الإسلامية قبل سنوات عدة حين قال: «نحن نتّهم نظام الولايات المتحدة الأمريكية وكثير من الحكومات الغربية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها. نحن نتّهمهم ونسائلهم عن ممارساتهم» 9/1/20214.
*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي موقع arabic.khamenei.ir