الكاتب: السيد مجيد تخت روانتشي

خطّة "صفقة القرن" لن تعجز فقط عن حلّ أيّ عقدة من عقد الكيان الصهيوني وأمريكا، بل سوف تضاعف مقاومة الشعب الفلسطيني والمسلمين ضدّ الاحتلال وتسلب كلّ الحجج من الفئات التي تدعوا إلى السّلام. "صفقة القرن" هي في الحقيقة نقطة انتهاء نفاق أمريكا الذي استمرّ طويلاً واستغرق سبعين عاماً. الأمريكيّون كانوا يحاولون طوال هذه الأعوام أن يخفوا دعمهم الشامل للصهاينة إلى حدّ معيّن ويقدّموا أنفسهم كوسيط معتدل بين الطرفين. بعض الأطراف البسيطة أو التابعة كانت تصدّق هذا الدّور أيضاً وتنحاز للحلول الأمريكيّة المقترحة.

"صفقة القرن" ليست صفقة، بل هي إعلان وفهرس لآمال الكيان الصهيوني التعسفيّة التي بُنيت على فرضيّتين: الأولى هي إمكانيّة شراء قضيّة فلسطين بالمال والثانية هي أنّ الشعب الفلسطيني والمسلمين يخضعون للغطرسة. وقد تمّ إثبات عدم صحّة هاتين الفرضيّتين مرّات ومرّات طوال الأعوام السبعين الماضية وهذا السّبب الذي جعل رؤساء أمريكا السابقين يستفيدون من أسلوب التزوير والخداع في دعمهم للكيان الصهيوني. لكنّ ترامب طرح هذا المشروع المهزوم مرّة أخرى من أجل أن يضمن انتخابه لدورة جديدة وحاجته للّوبي الصّهيوني.

الحلّ الوحيد أمام العالم الإسلامي لمواجهة هذه الخطّة يتمثّل في التأكيد على الوحدة في دعم قضيّة فلسطين. على الملسمين أن يلتفتوا إلى أنّ أيّ حركة تخدم بثّ النزاعات وإحداث الانقسامات داخل الأمة الإسلاميّة خلال الأوضاع الرّاهنة مضرّة للغاية وسوف يستغلّها أعداء الإسلام. النّقطة الهامّة الأخرى هي ضرورة اتحاد جميع الفلسطينيّن لمواجهة هذه المؤامرة. لا شكّ في أنّ الصهاينة وداعميهم استثمروا كثيراً في قضيّة الخلافات بين الشعب الفلسطيني.

لكنّ اقتراح الجمهوريّة الإسلاميّة لحلّ قضيّة فلسطين هو المشروع الذي تقدّم به الإمام الخامنئي؛ أي العودة إلى آراء الفلسطينيّين الأصليّين، من مسلمين، ويهود ومسيحيّين من أجل تعيين مصيرهم. وقد طُرح هذا الموضوع مرّات عديدة والظروف باتت اليوم مناسبة لمتابعته أكثر من أيّ زمن مضى.

الفرضيّة الأساسيّة لهذا المشروع تشير إلى كون الأراضي الفلسطينيّة ملكاً لسكّانها الأصليّين وأنّ تحديد مصير الأرض الفلسطينيّة حقّهم المشروع والحتمي. تكتسب هذه الفرضيّة أهميّة بسبب وجود أصل عالمي وحقّ أساسي طبيعي يقول بأنّ كلّ أرض في هذه الدنيا ملكٌ لسكّانها الأصليّين وأنّ تقرير المصير بشكل حرّ يُعتبر أيضاً حقّهم المشروع والطبيعي. لذلك لا يمنح أيّ بلد أولئك الأشخاص الذين يدخلون إليه بشكل غير قانوني أيّ حقّ في تحديد مصير البلاد. لذلك فإنّ اقتراح هذا المشروع يتمثّل في مشاركة جميع سكّان فلسطين الأصليّين وأبنائهم في استفتاء شعبي حرّ وتحت إدارتهم وإشرافهم من أجل تعيين مصير أرضهم. هذه خطّة عادلة ومنطقيّة وذات أسس محكمة من الناحية الحقوقيّة وهي تمثّل اقتراحاً مشروعاً وعمليّاً سيحلّ أزمة فلسطين التي بات عمرها سبعين عاماً في أقصر فترة ممكنة شرط أن يُنفّذ بأفضل صيغة ممكنة.