شبابنا الأعزاء لم يشهدوا عهد النظام الطاغوتي، وأقولها لكم أيها الشباب الأعزاء إنه طوال تلك الخمسين عاماً أو الستين عاماً - أي طوال فترة الحكم البهلوي وقبل ذلك بفترة معينة - كان زمام الأمور في بلادنا بيد البريطانيين أولاً ومن ثم بيد الأمريكيّين، وكانوا يفعلون ما يحلو لهم، مثلاً يأتون بالحكم البهلوي إلى السلطة ويأتون برضا خان، ثم عندما ينزعجون منه لسبب من الأسباب يزيحونه ويأتون بمحمد رضا. أي في بلد بهذا الحجم وبهذه العظمة، ومقابل هذا الشعب، يزيح الأمريكيّون والبريطانيون رئيس هذا البلد بسهولة ويأتون بشخص آخر بحسب ما يتفقون عليه فيما بينهم. هكذا كان وضعهم في إيران. حسناً، كيف استطاعوا فرض هذه السيطرة والهيمنة؟ لقد أوجدوا هنا خنادق استخدمها النظام البريطاني أولاً والنظام الأمريكي بعد سنين وعقود لمواصلة هيمنتهم على هذا البلد. جاءت الثورة وهدمت هذه الخنادق بأيدي شبابها، هدمتها وبنت مكانها خنادق لصيانة الثورة والحفاظ على الجمهورية الإسلامية والمصالح الوطنية. وهم يريدون أن يأتوا لترميم تلك الخنادق المهدمة سابقاً ويدمروا الخنادق التي بنتها الثورة والثوريون والشباب. هذا هو الهدف.
وسوف أعدد لكم الآن بعض هذه الخنادق. الخندق الأهم للأنظمة الاستكبارية - أي بريطانيا أولاً ومن ثم أمريكا - هو نفس النظام الطاغوتي العميل الذي نصّبوه في بلادنا. كان النظام الطاغوتي المنصوب من قبلهم خندقهم، وكانوا يفعلون ما يريدون في هذا البلد بواسطته. كانوا يمارسون أية نشاطات اقتصادية وأية فعاليات ثقافية وأية نشاطات سياسية وأي تغيير وأي اتخاذ موقف كيفما يحلو لهم ويرغبون في هذا البلد، ويجرجرون حكومة البلد بهذا الاتجاه وذاك الاتجاه. أي إن النظام الطاغوتي نفسه كان أهم خندق لأمريكا وبريطانيا في هذا البلد. هذا خندق، وجاءت الثورة فدمرت هذا الخندق وقضت عليه واستأصلته، واستأصلت الحكم الملكي في هذا البلد وأقامت بدل الحكم الملكي الشخصي حكماً شعبياً. ذات يوم كانوا يقولون في هذا البلد إن له مالكاً وصاحباً. فمن هو مالك البلاد؟ صاحب الجلالة هو المالك. كانوا يفشون هذا القول كثيراً على الألسن بأن للبلد مالكاً وصاحباً. من هو صاحب البلد؟ الشاه هو مالك البلد، أي إن مالك البلد عنصر فاسد غير لائق عميل وفي الغالب عديم الغيرة الوطنية. حسناً، جاءت الجمهورية الإسلامية وأزاحت هذا المالك الغاصب الزائف، وسلّمت البلاد لأيدي أصحابها الأصليين وهم الشعب، حيث ينتخبون ويشاركون ويريدون ويثبتون ويرفضون. كان هذا خندق الأعداء الأول الذي نسفته الجمهورية الإسلامية والثورة الإسلامية.
~الإمام الخامنئي ٢٠١٦/٠٣/٢٠
فلتنظروا إلى الحكومة البهلويّة، من الذي جاء بها؟ من نصّب رضاخان حاكماً لهذه البلاد؟ هذه ليست من النقاط المبهمة في التاريخ. فالجميع اليوم يعلمون بأنّ البريطانيّين هم من سلّموا رضاخان زمام أمور هذا البلد؛ كما أنّهم عندما شعروا بأنّ رضاخان لم يعد ينفعهم قاموا بعزله وجاؤوا بمحمّد رضا. هذه من المسلّمات الواضحة في تاريخنا المعاصر. فأولئك الذين جاؤوا به إلى الحكم كانوا أنفسهم يحاولون بالسياسات المتنوعة إبقائه تابعاً لهم. عندما قامت نهضة مصدّق في هذا البلد -والتي كانت نهضة وطنيّة- لم يكن الجهاز الحكومي والسّلطة من شعر بأقصى درجات الخطر؛ بل كان البريطانيّون هم الذين شعروا بأقصى حالات الخطر. ثمّ عندما رأى البريطانيّون بأنّهم لا قدرة لديهم على إدارة الأمور، جعلوا الأمريكيّين يتدخّلون. فجاؤوا هم وخطفوا الساحة من أيدي البريطانيّين. قدم إلى هنا أحدهم حاملاً حقيبة مليئة بالدولارات وأطاح بالحكومة الوطنيّة عبر خلق أزمة زائفة وسيطر نظام محمّد رضا بهلوي على البلاد. هذه هي سياستهم وهي من الأمور الواضحة والوثائق والمخطوطات التي تثبت هذا الأمر باتت بمتناول الجميع.
~الإمام الخامنئي ٢٠٠٥/٠٤/١٩