بسم الله الرحمن الرحيم،[1]
والحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، [ولا] سيّما بقية الله في الأرضين.
إنني شاكر لله المتعالي جدّاً جدّاً أنّه بعد تراجع حدة أزمة كورونا في بلادنا - بحمد الله - انعقدت مرّة أخرى هذه الجلسة المفعمة بالحيوية والنشاط والباعثة على الأمل. أيها الشباب، وبخاصة الشبابُ النخبويّون، إن حضوركم يبعث على الأمل حقاً. أيْ حضوركم أين ما كنتم يبثّ الأمل ويصنعه. لهذا إن أولئك الذين لا يؤيّدون تقدّم البلاد لا يؤيدون حضوركم حيث يجب أن تكونوا. حسناً، الحمد لله.
أود أن أتحدّث بجملة عما قاله الأصدقاء. أوّلاً، كثير من المواضيع الجيدة قد قيلت، أي لقد استفدت حقاً، ويبدو لي أن الاقتراحات المُقدَمة صحيحة وفي الغالب عملية أيضاً. من هنا، يدرك الإنسان هذه الحقيقة أكثر: جزء كبير من مشكلاتنا في السنوات الماضية كانت إدارية. كان هناك طرق حل [لكن] الإدارة لم تنتبه إليها. نأمل الآن من الحكومة الحالية أن تتابعها بجدية - إن شاء الله - وإننا نرى بوادر ذلك الآن. بعض السادة الوزراء، ومعاونو رئيس الجمهورية، حاضرون هنا، ويجب أن يطرحوا هذه المواضيع في الحكومة، وأنا سوف أنقلها بدوري، أي هذه المواضيع التي أُعطيت لي تجري مراجعتها في المكتب [ثم] سنسلمها - إن شاء الله - للرئيس نفسه والمسؤولين الحكوميين أيضاً.
إن الموضوع الذي أعددته لأعرضه اليوم يتضمّن عنوانين أو ثلاثة وسأحاول عرضها باختصارها. الأول عن النخبة: عنوان النخبة، موضوع النخبة. أريد أن أقول نقطتين أو ثلاثاً حول من هو النخبوي وما عمله. موضوع آخر هو التوقعات من النخبة. الآن بعدما عرفنا النخبوي، ماذا نتوقع من النخب في البلاد. الموضوع التالي هو ما نتوقعه من الأجهزة لمساعدة النخبة، لأن النخبة شاب يحتاج المساعدة والمساندة والدعم، ويجب تحديد أنواع الدعم هذه. سوف أتحدّث بإيجاز عن هذه [النقاط]. هناك نقطة في ذهني أيضاً سوف أتحدّث عنها في النهاية.
في ما يتعلق بالنخبة العلمية والنخبة [عامةً]، يجب أن نعرف أولاً ونحن نعرف – أنا أؤمن بهذا حقاً، وينبغي لنا جميعاً أن نعِيَ هذا - أن النخبة واحدة من أهم الثروات البشرية في البلاد. نعم، الموارد الطبيعية مهمة، والمواقع الجغرافية مهمة، وشكل المناخ مهم. كلها مهمة، ولكن من أهمها وجود النخبة. يجب النظر إلى النخبة على أنها ثروة عظيمة. حين نراها ثروة عظيمة، نسعى إلى إنتاجها. هذا أوّلاً. نرى فقدانها خسارةً، ونحول دون ذلك قدر الإمكان. نتعاطى معها بسلوك كريم، فعندما ندرك أنها ثروة عظيمة ومهمة، سيكون سلوكنا معها وفقاً لذلك. لهذا، ينبغي أن نعرف ذلك، وعلى الجميع أن يعرفوه: مسؤولو البلاد والمؤثرون في الفضاء العام للبلاد.
تُعدّ النخبة العلمية، والجامعة بصورة أساسية، من أركان تقدّم البلاد، أي ركناً مهماً لتقدم البلاد، والنخب العلمية تتواجد في الجامعة أساساً. حقيقة أنكم ترون مساعيَ لإغلاق الجامعات والصفوف في أوقات مختلفة - ليس الآن فقط [بل] في الأمس وقبله -، وألا يذهب الطلاب إلى الصفوف، ولا الأساتذة، وما هو من هذا القبيل، ذلك ناجم من أن الجامعة تؤدي دوراً أساسياً. الآن، ذاك الشخص الذي يهدد الأستاذ على الهاتف بأنه إذا ذهبت، [فسنفعل] كذا وكذا، ليس من الواضح أنه العنصر الرئيسي، [بل] العنصر الذي يقف وراء الكواليس هو المهم. هذا لأن الجامعة مهمة ومصيرية لتقدّم البلاد. فأيّ شيء يمكّنهم من عرقلة الجامعة وتعطيلها وإفسادها وإعطابها هو مغنم لأعداء البلاد و[أعداء] تقدّمها. لذلك إن الجامعة من أركان تقدم البلاد.
الجامعة من أكبر الموانع أمام هيمنة الاستكبار، وينبغي أن نعلم هذا. إن هدف القوى العظمى في العالم هو الهيمنة. بأي وسيلة؟ يوماً ما بقوة السلاح، ويوماً بالخداع، ويوماً بقوة العلم. إنهم يهيمنون بقوة العلم أيضاً. الجامعة تصدّ الهيمنة، أي إذا استطعتم رفع مستوى العلم في البلاد، تكونون قد أوجدتم مانعاً أمام هيمنة العدو. حسناً، هذه نقطة حول النخب العلمية والجامعة.
نقطة أخرى هي أنّ أحد العناصر في تكوين النخبة موهبتُه الطبيعية. فكر جيد، ذهن جيد، عقل جيد... هذا كله عطية إلهية. إنه ليس عمل أحد، فلقد أعطاه الله إياه. أما لأي سبب أعطاه، فهذا موضوع آخر. لقد أعطى الله المتعالي لنخبويِّنا هذا عقلاً قوياً وفكراً جيّداً واستعداداً لازماً وعينين مفتوحتين. العنصر الثاني كي يصير المرء نخبوياً هو همّته وجهده وعمله الخاص. وإلّا هناك الكثير من الناس لديهم هذه العطيّة الإلهية [لكن] لا يعملون ولا يسعون ولا يجهدون، فلا يصلون إلى مكان. لا هم يَنمون، ولا يساعدون البلاد. لم يكن لدينا القليل من هذا القبيل. لدينا منهم الآن أيضاً، وفي الماضي كان هناك الكثير منهم. لذلك إن العنصر الثاني في تكوين النخبة مرتبط به وبالجهد والهمّة والعمل والمثابرة ونحو ذلك. هذان عنصران. هناك عنصر ثالث أيضاً سأشير إليه لاحقاً. [أي] سأتحدّث عنه لاحقاً في حديثي هذا.
حسناً، ثمة عامل مهم كي يستطيع هذا النخبوي، الذي يتشكّل من هذه العناصر، إظهارَ موهبته الذاتية وإيجاد فُرصة السعي، هو الأرضيّة. أرضية السعي للنخبة. إنها مهمة جدّاً. أحياناً يكون النخبوي موجوداً ومستعداً للعمل أيضاً، لكن الأرضيّة غير متوفرة له. حسناً، لا بدّ من إعداد هذه الأرضية التي ذكرناها. لم تكن في عهد الطاغوت، وإن وُجدت، فليست ضمن السياسات الرسمية للطاغوت. لم تكن الأرضية موجودة، فقد كان هناك كثيرون من أصحاب المواهب الجيدة، وكانوا مستعدين لبذل الجهود، ويبذلون الجهود أيضاً [لكن] كانوا يحبطونهم. ليس الأمر أن الأرضية لم تُوفر لهم فحسب، بل كان يُعمد إلى عرقلة عملهم أيضاً. كان الأمر كذلك في عهد الطاغوت. ببركة الثورة الإسلامية، توفرت الأرضية. التفتوا! أقول هذا بصراحة وجرأة، أي هو أمرٌ لا شك فيه. ولأنني كنت حاضراً في المجموعة الطالبية والأكاديمية وجامعة طهران والجامعات الأخرى منذ بداية الثورة، وأجالس دائماً الأساتذة والطلاب، أقول باعتقاد تام وبقدرة على الإثبات: مع الثورة الإسلامية توفّرت الأرضية لإنتاج النخب.
أولاً، تطوير الجامعات. انظروا في أيّ مكان في البلاد لا توجد فيه جامعة الآن. لقد اشتكى بعض الأصدقاء من تأسيس جامعة في بعض الأماكن دون توفير الأرضيات لها. إذاً كان هناك دافع لبناء الجامعة، وهذا مهم جدّاً. توجد جامعات في أنحاء البلاد كافّة. الجامعات في بعض المدن البعيدة جامعات بارزة. يمكن للإنسان أن يدرك [هذا]. يوجد أساتذة جيّدون جدّاً وأساتذة بارزون ومميزون في جامعة المدينة الفلانية البعيدة. لدينا من هذا القبيل. إذاً، [هذا بشأن] تطوير الجامعة.
ثم الجامعيون أيضاً. توسيع النطاق الجامعي... كلٌّ من الطلاب والأساتذة. لقد زاد طلاب الجامعات في البلاد نحو 25 ضعفاً. قلت هذه الإحصائية مرات عدة لكن الآن لا أعرف بالضبط [كم العدد]، فلم يكن لدي مصادر حينما كنت أحضّر الكلمة. 25 ضعفاً؛ إنه كبير.
[ثم] الأساتذة. عندما كنا نناقش قضايا الجامعة في السنوات الأولى للثورة – 1359 و1360 (1980-1981) - كان هناك نحو خمسة آلاف أستاذ وأعضاء هيئة تدريس في البلاد على ما أذكر، وهم الآن أكثر من مئة ألف. أكثر من مئة ألف! زاد عدد سكان البلاد أكثر من ضعفين لكن هذا [العدد] زاد عشرين ضعفاً. إنه مهم. هذه الإحصاءات معبّرة وواضحة. ما الذي فعلته الثورة!
حسناً، هناك عدد من مراكز الأبحاث في البلاد، مراكز الفكر والأبحاث، وهي متوافرة بكثرة في أنحاء متعدّدة من البلاد. هذا التطور للعلم في البلاد أمرٌ قيّم للغاية. هذه هي أرضية تربية النّخب، إحدى الأرضيات لتربية النخب. بالطبع، يجب أن نشكر الجامعيين أنفسهم. لم يسمح جامعيّونا ببقائنا محتاجين إلى الغربيين. لأنّه عندما يكون هناك جامعة لدى بلد ما، [لكن] لا يوجد فيها أستاذ، فمن الأشياء التي تتبادر إلى الذهن الذهاب لجلب الأستاذ من بلد آخر. لم يسمح الجامعيّون لدينا بذلك. لقد خرّجوا الأساتذة. أعدّوا الأساتذة. الآن، ربما تسعون بالمئة من أساتذة الجامعات لدينا اليوم درسوا على يد أساتذتنا [الإيرانيين]. لقد عملوا وبذلوا الجهد. حسناً، أرادت الجمهورية الإسلامية الجامعة متوسّعة وقادرة، وقد تم ذلك، بحمد الله. الجامعة أيضاً استفادت من هذه الفرصة التاريخية وطوّرت نفسها. هذا موضوع.
موضوع آخر هو أنه دون مبالغة يجب القول: نخبنا الجامعية صاروا مصدر شرف لإيران. أنتم جيل الشباب من النخب. وقبلكم أيضاً، في الأجيال التي سبقتكم، كان هناك كثيرون من النخب في هذه الأعوام الأربعين. لقد شرّفوا للبلاد. أينما دخل علماؤنا وركّزوا جهودهم، أنجزوا أعمالاً حظيَت بإعجاب المحافل العلميّة في العالم. وسوف أذكر هنا بعض النماذج وأنتم جميعكم تعلمونها طبعاً.
على سبيل المثال أبحاث مركز «رويان» وإنجازاته، ليس في قضايا الخلايا الجذعيّة فقط، بل في قضيّة استنساخ الحيوانات. كان هذا الأمر نادراً في العالم كلّه، وقد حدث. لقد رأيت ذاك الحيوان بنفسي، وليس هذا أمراً نُقل إليّ. ذهبت من قرب ورأيت ذاك الحيوان الحيّ الذي استُنسخ. لم يكن حيواناً واحداً، بل حيوانات عدّة. لقد رأيتُ هذه الأمور. حسناً، لم يكن هذا عملاً عاديّاً. رحمة الله على السيّد كاظمي آشتياني[2] الذي أرسى هذا الأساس ثمّ جاء الإخوة الموجودون الآن وتابعوا العمل ووصلوا إلى هنا. هذا أحد النماذج.
التقدّم في الكيمياء الحيويّة والحصول على كرسيّ اليونسكو[3] في هذه القضيّة وهذا الاختصاص. لقد أقرّوا بهذا الأمر. وأنتم تعلمون أنّ من الأعمال الرئيسيّة لأعدائنا في قضيّة هذه الكراسي الدوليّة أن يتدخّلوا ويتغلغلوا وألا يسمحوا لإيران بأن تحصل على كرسي وتصير من الأعضاء. مع هذا كلّه، حقّق نخبنا هذا الانتصار.
نموذجٌ آخر: إرسال القمر الاصطناعي إلى الفضاء. هذا منحصرٌ في عدد من الدول، ولا تقدر الدّول كلّها على فعله. كثيرون لديهم أقمار اصطناعية في الفضاء، لكنّها ليست لهم ولم يطلقوها بأنفسهم. دولٌ قليلة تلك التي تطلقها بنفسها. نحن متأخّرون طبعاً، لكنّنا أطلقناها واستطعنا فعل ذلك. لقد ركّز علماؤنا جهودهم، وقد أشار أخونا هذا إلى إنجاز بعض الأعمال في قضيّة الفضاء. [نموذج آخر هو] تصنيع الروبوتات المحاكية للبشر في جامعة طهران. إنّه مهمّ. لماذا نغضّ الطرف عن هذه الأمور؟
[أيضاً] الإنجازات الأساسيّة في الصناعة النوويّة، ولقضيّة الصناعة النوويّة قصّة طويلة. هناك كلامٌ كثير في هذا الشأن ولا مجال لقوله الآن. لقد توصّلنا إلى القضايا الأساسيّة في الصناعة النوويّة. ونحن لن نسعى خلف تصنيع سلاح وقنبلة وأمثال هذه الأمور، لكنّ هذه الصناعة نفسها ذات بركات كثيرة. لقد استطعنا الحصول عليها. طبعاً هؤلاء الذين يملكون اليوم صناعة نوويّة حول العالم، عدا أولئك المُنتجين الأوائل الذين هم ألمانيا في زمن هتلر، ثمّ أخذها الأمريكيّون بعد ذلك منهم، واستطاع آخرون عبر بعض الأنواع من السرقات العلميّة أخذها من الأمريكيّين، وبعد ذلك منحت كلّ دولة هذه الصناعة للدولة التي على شاكلتها الفكريّة... هؤلاء الذين يملكون [هذه الصناعة] حصلوا عليها على هذا النحو. [أما] نحن، فلا. طبعاً، تلك الأرضيّة الأولى الناقصة جدّاً كانت لدينا من الخارج، وكانت شيئاً قليل الأهميّة إلى حدّ كبير. لكنّ الأعمال التي أُنجزت أنجزتها النخبة الإيرانيّة بالقوّة والأمل.
[كذلك] تصنيع المعدّات المتطوّرة من الصواريخ والمسيّرات التي كانوا يقولون قبل بضع سنوات إنها «فوتوشوب». حين كانت تُنشر صورها قبل بضع سنوات كانوا يقولون إنّها «فوتوشوب»، وباتوا اليوم يقولون إنّ المُسيّرات الإيرانيّة خطيرة جدّاً، ولماذا تبيعونها لفلان ولمَ تُسلّمونها لفلان! هكذا هي الحال. حسناً، هذه أعمالٌ أنجزتها النُّخبة الإيرانيّة. هذه [الأعمال] مُشرّفة للبلاد. إنتاج اللقاحات المُعقّدة، وعلى وجه الخصوص لقاح كورونا وأمثاله. قلّما نشهد مثيلاً لهذا الأمر. حسناً، هذه نقطة. النّخبة الإيرانيّة استطاعت منح البلاد سمعة مشرّفة. أقول هذه الأمور لكي تعرفوا - أنتم النّخبةَ - قيمة أنفسكم، ولكي يعرف أولئك الجالسون خارجاً قيمتكم. طبعاً أنا أعرف قيمتكم إلى حدّ كبير، وأسأل الله أن يُمكّنني من تقديم العون إليكم.
أمّا ذاك العنصر الثالث - كنت قد أشرت إلى عنصرين وقلت هناك عنصر ثالث -، فما العنصر الثالث في أن تكون من النخبة وتصير وتٌعدّ نخبوياً؟ إنه الهداية والتوفيق الإلهيين. لا شكّ في أنّكم لكي تصبحوا وتُعدّوا نُخبة، تحتاجون إلى التوفيق والهداية الإلهيّين. فمجرّد أن تتوفّر الموهبة لدى أحدهم ويوظّفها، لا يصنع من المرء نخبة. قد يكون هناك إنسانٌ ذكيٌّ وفطنٌ جداً، ويوظّف هذا الذكاء وهذه الفطنة من أجل الاختلاس، ألا يفعلون ذلك؟ من أجل السرقة، هل هذا نخبة؟ كلا، هذا سارق، هذا مُختلس؛ هذا ليس نخبة. النخبة من يكون مُنتخباً بالمعنى الحقيقي للكلمة. فالنخبة يعني المُنتخب، والمميَّز. هذا السارق الحاذق الذي يقدر على فكّ أنواع الأقفال المعقّدة للسيارات، فيسرق السيارة ويأخذها، هل هذا إنسانٌ مميّز؟ كلا، هذا سارق وليس نخبة. النخبة هو ذاك الذي يتابع هذه الحركة بتوفيق من الله وهدايته.
حسناً، دعوني الآن أتوسّع في قضيّة السارق والمُختلس بعض الشيء. ذاك الذي يُصبح نابغة في علم الفيزياء ويصنع قنبلة ذريّة، هذا ليس نخبة من وجهة نظرنا. وذاك الذي يستفيد من علم الكيمياء ليصنع غاز الخردل والغازات الكيماويّة التي تبتلي الناس حتّى آخر أعمارهم، هذا ليس نخبة. ذاك الذي يتمكن عبر التقدّم في الرياضيّات وأنواع الهندسة المتقدّمة مثلاً، من السيطرة على الفضاء وأجواء عيش الناس - يسيطر على كل من الفضاء العالي جداً وكذلك على أجواء العيش والحياة، أي حين تتكلّمون في بيوتكم تكونون غير متأكدين من أن لا آذان أجنبيّة تُنصت إلى كلامكم، ولا يقتصر الأمر على الهاتف الجوّال، كلا، بل هناك طرق أخرى أيضاً - هذا ليس نخبة. هذا الذي يسيء استخدام العلم ليس نخبة.
استطاع الغربيون خلال الحقبة الاستعمارية الحصول على السلاح قبل الآخرين - أولاً البرتغال وإسبانيا وأمثالهم، ثم وصل تدريجياً إلى أماكن أخرى [مثل] هولندا وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا – أي كان أول ما فعلته الثورة الصناعية في القرنين السابع عشر والثامن عشر صنع أسلحة متطورة. حسناً، بهذا السلاح المتطور، جاؤوا واحتلوا البلاد. الهند بلد بهذه العظمة، مع مساحة جغرافية تفوق عشرات الأضعاف جزيرة بريطانيا، جاؤوا واحتلوها. [بالطبع] ليس الهند فقط بل الهند وباكستان وبنغلادش [أي] شبه القارة الهندية، واحتُلت البلدان المجاورة مثل ميانمار وأمثالها، ودُمرت الصناعات الوطنية لهذه البلدان.
اقرؤوا كتاب لمحات من تاريخ العالم لنهرو[4]. للأسف، أنتم قليلاً ما تقرؤون الكتب. لمحات من تاريخ العالم الذي كتبه نهرو يشرح فيه كيفية دخول البريطانيين إلى الهند وما فعلوه فيها.
لقد رأيت أخيراً كتاباً دوّنه أحد مؤلفينا[5] – إنني لا أعرفه من قرب – تحت عنوان تاريخ الاستعمار. يتألف من خمسة عشر مجلداً أو ستة عشر، وكلّ مجلّد من 150 صفحة أو 120، ويشرح فيه كيف استطاع الاستعمار أن يقضي على ثروات قارة أمريكا وآسيا وإثراء نفسه. لم تكن بريطانية غنية ولا فرنسا، لم تكن الدول الأوروبية غنية، لقد أخذوا ثروات البلدان الأخرى. حسناً، لقد كانوا قادرين على أن يفعلوا مثل هذه الأشياء بالسلاح. كان لديهم عقول مبدعة، هذا صحيح. وقد بذلوا جهوداً كبيرة، وكانوا من أهل المجازفة. هذه هي الخصائص الجيّدة للأوروبيّين، لكن كيف استفادوا من تلك الخصائص؟ لقد أوجدوا نظام الهيمنة في العالم. نظام الهيمنة! إنه من أكبر المصائب في عالم اليوم، التي لم تنتهِ بعد، لكن ستنتهي، إن شاء الله... نظام الهيمنة. إنه يعني تقسيم العالم إلى مهيمِن ومُهيمَن عليه. قلّة يجب أن تحكم العالم كله بقوة، وعلى الدول الأخرى أن تطيعهم تحت عناوين مختلفة. هذا هو نظام الهيمنة. التقّدم العلمي لأوروبا أوجد نظام الهيمنة هذا. إذن، لا تشملهم النخبة باعتبارها وصفاً قيمياً.
النخبة، باعتبارها وصف قِيَمي، هي ذاك الشخص صاحب الموهبة، والعمل الدؤوب والحثيث، والمستفيض من الهداية الإلهية. أحياناً لا يعرف هو نفسه أنها هداية إلهية، لكنها هداية إلهية. هذه الآناء واللحظات المذهلة التي وصل فيها مستكشفو العالم العظماء إلى حقيقةٍ ما هي فعل الله. هذه هي الهداية الإلهية نفسها. يكتشف الجاذبية والجراثيم... هذا هي الهداية الإلهية نفسها.
حسناً ولحسن الحظ، أيها الشباب الأعزاء، قلوبكم ليست ملوثة. أنتم شباب، وقد يكون لدى الشاب بعض الأخطاء، لكن قلوبكم طاهرة وضميركم مرتاح. يمكنكم الاستفادة كثيراً من هذه الهداية الإلهية. لذلك [يجب] أن تكونوا قادرين على أن تكونوا نخباً بالمعنى الواقعي للكلمة. أي تمتلكون الموهبة والمثابرة، وتنعمون بالهداية والتوفيق الإلهيين، وطبعاً {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (التغابن، 11)؛ الإيمان يجلب الهداية. حسناً، هذه بضع كلمات عن النخبة.
أما التوقع من النخبة، إذْ لدينا توقعات منكم أيضاً... سأحاول أن أتحدث بإيجاز إن أمكن ذلك، إن شاء الله. التوقع الأول هو أن تحوّلوا هذه القابلية المتفوقة التي أعطاكم إياها الله المتعالي – حيث أنّ هذه القابلية هي قابليتكم الشخصية - إلى قابلية وطنية. بحمد الله، وَرَد هذا الأمر في حديثكم، بأنّ يجب على النخبويّ أن يحوّل هذه القدرة الشخصية إلى وطنية. ماذا يعني ذلك؟ أيْ أن يضع هذه القدرة في الخدمة لحل مشكلات البلاد. لدينا قضايا كثيرة، وقد ذكرتم بعضها هنا. لقد ذكرتم [قضية] المناجم والمعادن، وذكرتم الشحن والنقل والفضاء... هذه هي قضايا البلاد المهمة. استخدموا النخبة في هذه الأمور. للأسف، بعضهم لا يفعلون ذلك. بعض النخبة، أي الموهوبين - طبعاً مع الشرح الذي قدمناه ربما لا يكون مصطلح «النخبة» مناسباً لهم - ينْمون هنا، وعندما يحين وقت الإثمار، يذهبون ويعطون ثمارهم للآخر. أحياناً يكون الآخر هو العدو، فيعطون العدو! في بعض الأحيان، يذهبون ويصيرون أدواتٍ للاستكبار العالمي للسيطرة على الشعوب والعداوة معهم. يصيرون أدواته وبراغيه وصوامِله. بعضهم على هذا النحو. حسناً، هؤلاء لا يشكرون النعمة. وبالطبع، لا يرون الخير في النهاية. في رأيي إن أولئك الذين يديرون ظهورهم بهذه الطريقة لشعبهم لن يروا الخير. يجب أن يبقى النخبة إلى جانب شعبه. أنا لا أقول: يجب ألّا يهاجر، وألّا يدرس، وألّا يذهب إلى الجامعة الفلانية المرموقة أو المركز الفلاني... كلّا، فليذهب، لكن فليذهب من أجل شعبه، وليذهب وليعد وليعمل هنا من أجل بلده، لا أن يذهب ليصير أداة ووسيلة. إذن، هذه مسألة مهمّة جداً. على نخبنا حل هذه المشكلة تجاه ضميرهم وأمام الله.
التوقع الآخر من النخب ألّا يغفلوا. يوجد نوعان من الغفلة هنا. [الأول] الغفلة عن القدرات الخاصة. إذا أغفلتم قدراتكم الخاصة، فإنكم لن تسعوا. عندما يصل نخبنا إلى حد معيّن، يتوقفون. هذا عدم شكر وهو غفلة. تابعوا وتقدموا واستمروا في السعي قدر الإمكان. لا تغفلوا عن قدراتكم بأي شكل، فإنها لا حصر لها. القدرة لا متناهية. هذا يعني أنه كلما استخدمتم قدرة النخبة هذه، فسيزداد فوران هذا النبع داخلكم، وسوف تصيرون نخبةً أكثر. كلما عملتم أكثر، ستصير أكثر. لا تكلّوا، ولا تتوقفوا، ولا تأسركم التسليات المضرة. هناك أيضاً تسليات مضرة، وهذه غفلةٌ، سواء أكانت في الفضاء المجازي أم غير المجازي. لا تأسركم هذه التسليات أيضاً.
الغفلة الأخرى هي [إغفال] قدرات البلاد. الآن وقد جئتم وتحدث كل واحد منكم عن اختصاصكم وعملكم، فحسناً؛ إن معلوماتكم جيّدة جداً ونحن نستفيد منها، لكن هل لديكم اطلاع حول الاختصاصات الأخرى؟ هل النخب في البلاد مطّلعون على قابليات البلاد الضخمة والواسعة؟ لا أعتقد ذلك... أي أعلم أنه كلّا، ليس الجميع مطّلعين. معظمهم غير مطلعين.
في أحد الأيام، قال أحد السادة[6] إننا صفر أمام أمريكا من ناحية السلاح، ويمكنها مثلاً [أن تضرب] في ساعة واحدة كذا وكذا، فقلت هنا[7] إن عليكم إجراء جولة سياحية. فليذهب هؤلاء السادة وليشاهدوا أسلحتنا العسكرية وصناعاتنا التسليحية حتى يتمكنوا من الخروج من هذا الخطأ. الآن يجب أن تقام هذه الجولة لكم جميعاً. إنها من الأعمال المهمة. في رأيي، هذه إحدى مهمات «المعاونية العلمية». عرّفوا الشباب إلى ما في البلاد، تلك القدرات والأعمال الكثيرة التي تجري. أعلمُ أن كثيرين من الناس غير مطلعين. حتى أن بعضهم ينكرون هذه القدرات، مثل ذلك الشاه الجاهل. قالوا لأحد الملوك إن ثمة مادة مشؤومة سوداء وذات رائحة سيئة تسمى النفط قد نبعت من مكان ما، وهؤلاء الأجانب «المساكين» مستعدون للمجيء وأخذها، فلندعهم يأخذونها. هو قال: حسناً، ليأخذوه ونرتاح! الآن أيضاً يقولون لنا: يوجد في البلاد شيء مُرهق وصعب يسمى الصناعة النووية، فلتدعوهم يُلملمونها ويأخذونها حتى لا تبقى. يقولون هذا الكلام! يُزعمُ كذباً أن العالم قد أدار وجهه عن الصناعة والطاقة النووية. هذا كذب محض! إنهم يضيفون ويزيدون مقراتهم النووية. ليست المقرات العسكرية [إنما] الصناعية يوماً بعد يوم. نحن لدينا حاجة أيضاً. لو لم نكن قد بدأناها في اليوم الذي بدأناها فيه – قد مضى سنوات حتى الآن - لكان علينا أن نبدأ بعد عشر سنوات ونحقق نتيجة بعد ثلاثين. إنه ليس أمراً يمكن لأي بلد الانصراف عنه. حسناً، كانت هذه [قضية] أيضاً.
الغفلة الأخرى هي عن العدو. يجب ألا يغفل نخبنا عن العدو أيضاً. يُظهر العدو نفسه أحياناً كشخصية علمية. لديّ علم بذلك. ما نقوله معلومة وليس حدساً وتحليلاً. كثير من هذه المراكز العلمية تدعو الأساتذة وأحياناً الطلاب. الأعضاء الذين تسللوا إلى الهيئة العلمية هناك تحت عنوان شخصيات علمية هم عناصر أمن: الـ«سي آي إي» و«الموساد» وأمثالهم. يجلسون ويبنون تواصلاً. إلى أين سيؤدي هذا التواصل بعد ذلك؟ الله أعلم. أقلّه أن يُشوّهوا ذهنه. إذا لم يتمكنوا من استقطابه أو خداعه، فإن الأقل هو أن يُشوّهوا ذهنه. هكذا يدخل العدو. إنهم يتظاهرون بأنهم مهذبون وأذكياء، ثم يتبين أنهم يحتالون علينا.
وأمّا التوقعات التي لدينا من الأجهزة تجاه النخبة جزء مهم أيضاً. بكلمة واحدة: الدعم. نتوقع من الأجهزة أن تدعم النخب. هذا الدعم لا يعني تقديم المال دائماً. أحياناً يكون تقديم المال مضراً. [يجب] أن يكون الدعم بعقلانية وحكمة مع أخذ مختلف الجوانب بالاعتبار.
أحد مواضع الدعم أن النخبة الذين درسوا في إيران أو الخارج وجاؤوا إلى إيران - لدينا من هذا القبيل وهم ليسوا قليلين، إذ درسوا في الخارج ووصلوا إلى مكان معين ثم أتوا الآن إلى إيران – لديهم توقعان، فلنحقق لهم هذين التوقعين: أحدهما الاشتغال المتناسب مع علمهم، والآخر إمكانية مواصلة الأبحاث والتواصل مع المراكز العلمية في العالم. هذان هما التوقعان لدى نخبنا وهما ليسا كبيرين. إنني على اطلاع [على حال] النخبوي الذي يريد الانضمام إلى الهيئة التعليمية في الجامعة [لكنهم] يصدّونه ولا يسمحون له بأنواع الحيل كافة. لماذا؟ لماذا لا تستفيدون من هذا النخبة؟ بعض نخبنا - النخب البارزين - درسوا في الخارج وجاؤوا إلى هنا على أمل العمل [لكن] بسبب هذه التصرفات عادوا وغادروا! لقد رأوا أنه لا يمكن العيش هنا. فماذا أتوقع من هذا الشاب؟ يجب أن ندعم [هؤلاء]. مهما أنفقنا في هذا المجال، فهذا ليس كلفة؛ إنه استثمار. على الوزراء المحترمين العمل في هذا الصدد وبذل الجهد. لا تدعوا النخبة يُحبط من الجامعة. [عليه] بالحد الأدنى أن يكون قادراً على الانضمام إلى الجامعة والحصول على مكانة. بعض الأشخاص يحملون همّ النُخب ويرددون باستمرار: النخب، النخب... لكنهم عملياً يتسببون في تيئيسهم ويحبطونهم ويفتعلون العراقيل. في رأيي، يمكن لوزارة الخارجية أيضاً أن تنشط بشأن المراكز العلمية في العالم، وأن تساعد كثيراً.
النقطة الأخرى المتوقعة هي تعديل المعيار لتقييم النخبة. إن معيار تقييم الأساتذة والنخب وما إلى ذلك اليوم هو المقالات غالباً. هذا غير صحيح. بالطبع، لقد قلت هذا من قبل أيضاً، وكررته مرات عدة:[8] اجعلوا المعيار حل المسألة. اطرحوا المسألة واطلبوا منهم حلها. فليقمْ هذا الجمع، وهذه المجموعة النخبوية، وهذا الفرد النخبوي، وهذا الأستاذ النخبوي، على حل مسألة معينة للأجهزة ذات الصلة، وليكن ذلك معيار الارتقاء والقبول لمرتبة التميّز. هذه أيضاً نقطة.
نقطة أخرى هي أن نظهر لنخبنا أفقاً واضحاً. بعضهم يخيّبون آمال النخبة ويظهرون الأفق مظلماً، وهذا مخالف للواقع؛ الأفق واضح ويجب إظهاره وطمأنتهم. على كل من الأساتذة ومديري التعليم العالي والناشطين الذين يعملون في وسائل الإعلام – وسائل الإعلام الوطنية أو المطبوعات - وكذلك أصحاب الصناعات والشركات القائمة على المعرفة، كما قال بعض الأصدقاء هنا، أن يجعلوا الأجواء مشوّقة. اليوم، إن تخييب آمال النخب وإظهارهم بلا مستقبل هو في رأيي جزء من حرب العدو الناعمة. مسعى العدو هو إظهار أن لا مستقبل للنخب في البلاد. أقول الآن إن هناك نقطة ضعف في البلاد فلا [ينبغي] أن ننكر نقاط الضعف، وهي ليست قليلة أيضاً. إنها كثيرة لكن يجب النظر إلى نقاط القوة إلى جانب الضعف. العدو يحاول المبالغة بشأن نقاط ضعفنا وإخفاء نقاط قوتنا. يجب ألّا نسمح للعدو وألّا نساعده في هذا.
هذا ختام حديثنا. أود أن أحدثكم عن أفق النظر هذا وكيف ينبغي تصحيحه الآن. منذ الأيام الأولى للثورة الإسلامية، كان الغربيون يُظهرون في دعاياتهم أن نظام الجمهورية الإسلامية الذي نشأ نتيجة الثورة متجه نحو الزوال. منذ الأيام الأولى [كانوا يقولون] إنه متجه نحو الزوال. أحياناً كانوا يقولون بعد شهرين، وأحياناً بعد عام واحد، وفي بعض الأحيان يقولون بعد خمس سنوات. كانوا يحددون الوقت! للأسف، كان بعض الأشخاص في الداخل - بسبب الغفلة، أو بدافع الحقد - يروجون لذلك أيضاً. كتبت إحدى الصحف – لن أذكر اسمها - في زمن الإمام الخميني (قده) مقالة مفصلة، وأعتقد أنهم وضعوا لها عنواناً من تلك العناوين الرئيسية في الصفحة الأولى، كان مضمونه – لست أتذكره بعينه – أن النظام في النهاية صار قيد الانهيار! رد الإمام في ذاك الوقت وقال: «أنتم قيد الانهيار والنظام واقف بمتانة واستحكام». ليس المقصود [ما يجري] الآن، لأن الإمام كان موجوداً وهيبته تمنع ذلك. كلا، كانوا يقولون ذلك في زمن الإمام أيضاً.
بعد ارتحال الإمام سنة 1369 (1989)، أصدر بعض الأشخاص الوجهاء - كان بينهم وجهاء من الشخصيات المشهورة في النظام والوجهاء الذين لديهم سوابق عمل في النظام[9] - بياناً [مفاده] أن النظام على حافة الهاوية، أي ستنتهي القضية في تلك الأيام! متى؟ سنة 1369 (1989). وفي 1382 (2004)، كتب عدد من أعضاء المجلس[10] رسالة إليّ - وقد كانت بالفعل غير منصفة، غير منصفة جداً - قالوا بعض الأشياء وسألونا بعض الأسئلة التي كان ينبغي أن يجيبوا عنها بأنفسهم لأن المجلس وكذلك الحكومة في أيديهم. كانوا هم مَن عليهم أن يجيبوا [لكن] سألوني، أنا! كان مضمون تلك الرسالة وملخّصها أن عليكم الاستسلام وإلّا انتهى أمركم! كان هذا سنة 1382. لم نستسلم، وصمدنا، وسوف نظل صامدين إن شاء الله. إذن، كان هذا من فعل أعدائنا وقد عملوا ذلك مراراً وتكراراً.
اعتقادي أن ما يجب النظر إليه هنا هو رؤيتنا لكيفية تحليلنا الأوضاعَ. ولا يقولونه اليوم [فقط].، فلنجرِ تحليلاً صحيحاً. يوجد نظامان تحليليان. ثمة نظامٌ تحليلي [يقول]: إن العمل في مواجهة المعايير العالمية السائدة عديم الفائدة، أي لا فائدة منه. هناك معايير دولية وقد تشكلت الحكومات واكتسبت القدرة على أساسها. أمريكا المقتدرة والغنية تقوم على أساس هذه المعايير وأوروبا كذلك والآخرون أيضاً. لا تقفوا أمام هذه المعايير دون جدوى فتزولون. هذا تحليلٌ. ولا يقولونه اليوم [فقط]. فكما ذكرتُ هم يكررون هذا الكلام منذ أربعين عاماً. ثم أولئك الذين يجرون هذا التحليل يتصورون أن الآخرين متوهمون! يقولون إن هؤلاء أصابهم التوهّم - في مقدمهم هذا العبد الفقير مثلاً - وإنهم متوهمون ويظنون أن العمل [جارٍ]. هذا تحليلٌ.
التحليل الآخر [على النقيض]. إنه واقعي. هذا التحليل يرى الحقائق. إنه لا يرى الحقائق الجيدة فقط بل السيئة أيضاً. نحن لم ننكر النقاط السلبية إطلاقاً. إنني أشير إلى غالبية نقاط الضعف في اللقاءات مع المسؤولين وتلك التي تعقد قي شهر رمضان [وندعوهم] إليها جميعاً، وفي الجلسات الخاصة أكثر بكثير. هناك اهتمام بنقاط الضعف هذه... لا أنه لا يوجد [اهتمام]. لقد قلت مرات عدة إننا متأخرون. لا شك في ذلك. لكن الجانب الآخر من القضية أننا بدأنا حركة متسارعة جداً من نهاية القافلة والآن اقتربنا من المقدمة. هذه حقيقة. لم نصل بعد إلى تلك النقطة الأمامية لكننا قطعنا شوطاً طويلاً وسنواصل المضي قدماً أيضاً. لقد أحرزنا تقدماً في مختلف قضايا البلاد. لقد تقدمنا في العلم والإدارة. [نعم] نقاط الضعف موجودة، فبعض مسؤولينا وحكوماتنا كان لديهم تقصير. هذا موجود لكن الحركة هي حركة الثورة، وتقدّم الثورة.
التفتوا وانظروا أين كانت الجمهورية الإسلامية قبل أربعين عاماً وأين هي اليوم. أين كانت قبل عشرين عاماً وأين هي اليوم. مع مرور أربعة عقود، صار من الممكن فهم أي من هذين التحليلين واقعي. إن تحليل ذوي التوجه الغربي والغربيين واقعي ونحن متوهمون! أو لا، تحليل الثورة واقعي وهم متوهمون. هذه حقيقة الأمر: حركة الثورة حركة مُحكمة. أيها الشباب، أنتم من أكبر دلالاتها. أنتم الآن جمع من النخب ولستم النخب كلّها، فهناك نخب أخرى أيضاً، النخب العظيمة التي تؤمن بالثورة وبهذا النهج، وهي في حالة سعي وجدّ بعد أربعة عقود وبعد هذا العداء والدعايات كافة. هل هناك دليل أفضل من هذا لإثباتِ أن ذلك التحليل خطأ وأن التحليل الصائب هو تحليل الثورة؟
اللهم، ثبّت أقدامنا في سبيلك. اللهم، اجعلنا في الطريق الصحيح والحركة التامة بهدايتك وتوفيقك. اللهم، اجعل أعداء الشعب الإيراني منكوبين ومغلوبين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[1] في بداية هذا اللقاء، أعرب الدكتور دهقاني فيروز-آبادي (معاون رئيس الجمهورية لشؤون العلوم والتكنولوجيا بالإنابة) وسبعة من النخب الشابة عن توجّهاتهم وآرائهم.
[2] الدكتور سعيد كاظمي آشتياني (الرئيس السابق لمركز «رويان» للأبحاث ورئيس «الجهاد الجامعي» في جامعة إيران للعلوم الطبيّة).
[3] منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO).
[4] جواهر لال نهرو (من رؤساء وزراء الهند السابقين).
[5] السيد مهدي مير كيايي.
[6] في إشارة إلى قول محمد جواد ظريف (وزير الخارجية آنذاك) في 3/12/2013 داخل جامعة طهران: «الغربيون ليسوا خائفين من بضع دبابات وصواريخ لدينا لكنهم يخافون من الشعب الإيراني. هل تعتقدون أن أمريكا لا تستطيع تعطيل نظامنا العسكري؟ هل تعتقدون حقاً أن أمريكا تخاف من نظامنا العسكري؟ هل حقاً بسبب نظامنا العسكري لا تُقبل أمريكا على خطوة ضدنا؟».
[7] خلال كلمته في لقاء جمع من أساتذة الجامعات، 2/7/2014.
[8] من جملتها كلمته خلال لقائه مع المشاركين في المؤتمر الوطني الثامن للنخب الشابة في البلاد، 22/10/2014.
[9] كان من الموقعين على هذا البيان بعض أعضاء نهضة آزادي (الحرية) بمن فيهم المهندس مهدي بازركان (رئيس وزراء الحكومة المؤقتة) وبعض الشخصيات الأخرى المعارضة للنظام باسم «جمعية الدفاع عن حرية الشعب الإيراني وسيادته».
[10] عدد من النواب الإصلاحيين في «مجلس الشورى الإسلامي» خلال دورته السادسة.