في ذكرى البيعة التاريخيّة لمنتسبي القوّات الجويّة للإمام الخمينيّ (قده) في 8/2/1979، وفي اليوم الوطني للقوّات الجويّة، التقى اليوم الأربعاء 8/2/2023، جمعٌ من قادة وضبّاط القوّات الجويّة وقوّات الدفاع الجوّي في الجيش بالقائد الأعلى للقوات المسلّحة، الإمام الخامنئي.
بداية أعرب سماحته عن تعاطفه مع المنكوبين جرّاء الزلزال الأخير في سوريا وتركيا، طالباً الرحمة للمتوفين. وقال: «نحن أيضاً ابتُلينا ونعلم كم الأمر قاسٍ ومرير عندما يحدث الزلزال ويرحل أعزّاء العائلات. إننا نشعر بألمهم ونسأل الله المتعالي لهم الصّبر والسكينة. طبعاً، لقد قدّم مسؤولونا بعض المساعدات بفضل الله، وسيواصلون تقديمها». 
في جزء آخر من حديثه، رأى الإمام الخامنئي أن خطة العدو وهدفه الواضحين ضد النظام الإسلامي هو تركيع الثورة الإسلامية. وأضاف: «طبعاً إنهم يقولون عكس ذلك. كتب رئيس أمريكا آنذاك بكل صراحة في رسالة لي قبل 10 أعوام أو 15: لا ننوي تغيير الحكم لديكم. لكن في الوقت نفسه كانت لدينا تقارير تفيد بأن نقاشاتهم في مراكزهم الخاصة تدور حول كيفية القضاء على الجمهورية الإسلامية». 
بالإشارة إلى إستراتيجيات الأجانب ضد الجمهورية الإسلامية، صرّح قائد الثورة الإسلامية: «إن بث سوء الظن بين المجموعات السياسية، وانعدام ثقة الناس تجاه بعضهم بعضاً وتجاه نظام الحكم، وبث سوء الظن بين المؤسسات، هي من بين الإستراتيجيات لتحقيق أهداف المغرضين لإيران». 
ورأى سماحته أن نشر الأكاذيب والشائعات أهم تكتيك لتوسيع الخلاف، وتابع: «حينما يجعل العدو الوحدة الوطنية هدفاً لهجماته، يجب ألا ندعه ينتصر في رغبته الشريرة، وذلك بالحفاظ على هذه الوحدة والاتحاد». 
في معرض بيانه سبب مساعي المغرضين من أجل القضاء على نظام الجمهورية الإسلاميّة، قال الإمام الخامنئي: «جاءت الجمهورية وأخرجت هذه المنطقة المهمة والإستراتيجية والغنية بالخيرات والثروات الطبيعية والبشرية من سيطرتهم، وإضافة إلى ذلك رفعت نداء الاستقلال واجتناب الرضوخ للابتزاز في العالم، ليس كقضيّة سياسية فحسب، بل كاعتقاد وإيمان ديني». وأضاف: «من الممكن أن تريد أيضاً بعض الدول الأخرى سياسة الاستقلال عن أمريكا، لكن هذه السياسة سيستبدلونها لهم بالمساومة والأخذ والرد والجلوس على طاولة المفاوضات وأحياناً رشوة أصحاب القرار والتأثير فيهم، ولكن استقلال الجمهورية الإسلامية واجتناب رضوخها للابتزاز ناجمان عن الإيمان وتأكيد القرآن تجنّب الوثوق بالمستكبرين، وهو أمر غير قابل للبيع والشراء».
وبعدما أشار سماحته إلى هدف العدو، أي تركيع الجمهورية الإسلامية، وبيان سبب الأعمال العدائية، شرح إستراتيجية تحقيق هذا الهدف بالقول: «إستراتيجيتهم هي بث الخلاف وانعدام الثقة، لأنه في هذه الحال سوف يزول الأمل في المستقبل أيضاً».

في جزء آخر، تحدث قائد الثورة الإسلاميّة عن ملحمة «19 بهمن 1357» (8 شباط/فبراير 1979)، أي البيعة التاريخيّة لمنتسبي القوّات الجويّة للإمام الخمينيّ (قده)، ووصفها بأنها مقدمة مؤثرة ومطلقة للأمواج في انتصار الثورة الإسلامية. كما رأى أن المقارنة بين الجيش اليوم مع الجيش في العهد البهلوي تظهر قوة الثورة وقدرتها في تحقيق إنجازات عظيمة. 
في هذا السياق، ذكر سماحته أمثلة مثل تلاشي جيش رضا خان الكثير الادعاء في غضون بضع ساعات خلال غزو البلاد عام 1941، وكذلك تواطؤ جيش محمد رضا مع الجواسيس الأمريكيين والبريطانيين في 19 آب/أغسطس 1953. وقال: «في تلك الحقبة، كان الجيش دون هوية وذليلاً ورازخاً تحت نير الأجانب لدرجة أن قائد الجيش لم يملك الجرأة على التحدث أمام ملازم أمريكي»، مستدركاً: «الجيش اليوم مع الناس وإلى جانبهم وهو جزء من الناس... إذا لم يكن له في الماضي الحق حتى في لمس قطع الطائرات المشتراة من الأمريكيين، فإنه اليوم رغم الحظر هو بنفسه الصانع للطائرات والمبدع فيها والمنجز أعمالاً مذهلة وعظيمة تدعو لعزة الناس، وقد عُرضَ أمس نموذج عن ذلك».

وأكد الإمام الخامنئي أن ذكرى انتصار الثورة الإسلامية يجب أن تبقى حية في المستقبل مثلما ظلت حية حتى الآن، وأضاف: «الثورة الحية هي التي تُبقي مقتضياتها حيّةً، وبمعرفة الاحتياجات والمخاطر في كل مرحلة، تلبي تلك الاحتياجات وتحيّد المخاطر».
كذلك، رأى سماحته أن سبب الهزيمة أو عودة الديكتاتوريات القاسية والمريرة في الثورات الكبرى في العالم، مثل الثورتين الفرنسية والسوفياتية، هو الغفلة عن الاحتياجات والمخاطر الرئيسية، والانشغال بالقضايا والنزاعات الشخصية، معقباً: «حصّنت الثورة الإسلامية نفسها من هذه الآفات... بالطبع كانت لدينا مشكلات أيضاً لكن الحركة العامة كانت نحو القمة، وهناك تقدم مادي ومعنوي». 
وذكر قائد الثورة الإسلامية أن لازمة حياة الثورة وديناميكيتها هي الالتفات إلى الاحتياجات وتلبيتها، مع التركيز والتشديد على حاجة أساسية ومهمة هي «الوحدة الوطنية»، قائلاً: «الوحدة الوطنية سدّ وجدار محكم وشاهق في وجه العدو، ولا بد أن تزداد هذه الوحدة اليوم بكل ما يمكن». 
لذلك، وصف قائد الثورة الإسلاميّة يوم «22 بهمن» لهذا العام بأنه مظهر من مظاهر الوحدة الوطنية. وقال: «بتوفيق من الله، "22 بهمن" لهذا العام هو مَظهر حضور الناس وعزتهم وثقتهم ببعضهم بعضاً والوحدة الوطنية». 
وقال سماحته: «توصيتي لشعبنا الأعزاء هي أن يسعوا إلى جعل هذه المسيرة وهذا اليوم العظيم تجلياً للوحدة والثقة الوطنية، وأن يوصلوا هذه الرسالة الصريحة إلى العدو: إن محاولته القضاء على الوحدة الوطنية قد عُطّلت ولا يمكن فصل الناس عن بعضهم بعضاً وعن النظام، أو جعل النظام متشائماً من الناس، أو جرّ مجموعات مختلفة من الناس إلى الصراع في ما بينهم».