1ـ ما أساليب الحلّ التي يمكن أن تؤدّي إلى وقف شلّال الدّم واستمرار إبادة الفلسطينيّين، وأن تفرض الضغوط الشاملة على الكيان الصهيوني في مختلف المجالات؟ ما الإمكانات والقدرات المهمّة التي تملكها الدول الإسلاميّة من أجل ممارسة الضغط على الكيان الصهيوني خصوصاً في المجال الاقتصادي؟

ثمة مجموعة من الحلول والطرق نستطيع بها أن نضغط على الكيان الصهيوني. النقطة الأولى الضغط على الحكومات لفتح المعابر والحدود لكي تصل المساعدات إلى الشعب الفلسطيني ويكون هناك زحف جماهيري مليوني من الدول العربية، زحف بكل ما تملك الكلمة من معنى من الدول العربية والإسلامية لكسر حاجز الحدود والذهاب إلى فلسطين المحتلة من كل الأطراف والحدود، من لبنان والأردن ومصر... وهذا ربما يأتي بنتائج إيجابية عندما يرى العدو الصهيوني أن هذه التهديدات الجماهيرية واقعية.

النقطة الثانية أن من الضروري الضغط على الدول الغربية بالمسيرات والمظاهرات والنهضة الجماهيرية ضد كل ما هو غربي، أمريكي وألماني وفرنسي وبريطاني، أي الدول التي شاركت في هذه الجرائم، وأن تكون هناك ضغوط إعلامية على هذه الدول ومقاطعة بضائع وضغط على الحكومات من أجل قطع شريان النفط والغاز والوقود عن الكيان الصهيوني أو على الأقل تخفيض نسبة هذه الصادرات.

النقطة الثالثة: أتصور أنه يجب أن تكون هناك مواقف لمحور المقاومة أكثر صرامة من قبل، وتنفيذ نوع من وحدة الساحات عملياً كما يفعل اليمنيون والعراقيون والمقاومة في جنوب لبنان، ویجب تكثیف العمل المشترك أكثر مما نشاهده الآن.

هذه ثلاث نقاط مهمة ربما تؤدي إلى وقف الجرائم التي یرتكبها الصهاینة بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.

 

2ـ منذ بدء جرائم الكيان الصهيوني ضدّ الفلسطينيّين في غزّة لم تنفكّ شعوب غالبيّة دول العالم عن التظاهر. وكما قال الإمام الخامنئي: «هزّ أهالي غزّة بصبرهم الضمير البشريّ». بغضّ النظر عن الدور الذي تلعبه الحكومات، ما دور الشعوب في مجال حظر بضائع الكيان الصهيوني وفرض الضغوط الاقتصادية على الكيان عامة؟

نعم، وبالفعل، وكما قال السيد القائد، أهالي غزة، أو الشعب الفلسطيني، استطاعوا هز الضمير البشري بهذا الصبر الجميل. ما يتحقق الآن في العالم بأكمله خاصة في الغرب إنجاز كبير وفريد وثورة بكل ما تملك الكلمة من معنى: ثورة في الضمير العالمي، ثورة في الرأي العام تجاه الحضارة الغربية والمفاهيم التي يدعيها الغرب عبر الثورة الصناعية والثورة الفرنسية ومفاهيم حقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة، والديموقراطية والحرية. هي ثورة ضد المؤسسات التي أنتجتها الأمم المتحدة كـ«اليونيسيف» و«اليونيسكو» و«منظمة الصحة العالمية»، وكل هذه المؤسسات الصامتة عن هذه الجرائم والإبادة المنقطعة النظير على مرّ التاريخ.

نعم، تستطيع الشعوب أن تقوم على إنجازات كبيرة وعمل مضاد لهذه الجرائم خاصة في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي. وأتصور أن الشعب اليمني الذي قامت حكومته على إغلاق القنوات المائية أمام السفن الإسرائيلية والسفن التي تدعم الاقتصاد الإسرائيلي بهذه الطريقة نموذج يجب أن يحتذى، بل هو النموذج الأكبر. فهذا الشعب الكبير استطاع أن يثبت أمام العالم أنه رغم الإمكانات الضعيفة يستطيع عمل إنجاز كبير ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، وفي الوقت نفسه أن يثبت إسلاميته وعروبته، ويكون هو النموذج الأسمى.

هذه إحدى السبل التي يمكن للدول العربية أن تحتذيها، فهذا القتل والإبادة والقنابل والطائرات التي تقصف المنطقة، وهي وفق الخبراء العسكريين أضعاف ما جرى ضد ألمانيا في الحرب العالمية الثانية على مدى أربع سنوات، هذه الجرائم ترتكب - مع الأسف - بدعم اقتصادي عربي بامتياز، وعبر تزويد العدو بالطاقة والنفط، فإذا تقلصت هذه الصادرات، ستخفف هذه الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.

هذا على المستوى الرسمي، ولكنه بحاجة إلى ضغوط شعبية أكثر مما كانت إضافةً إلى حظر البضائع الإسرائيلية والشركات العالمية التي لها دور أو التي تدعم الكيان الصهيوني. يجب حظر شراء هذه البضائع وبيعها، وبما أن الاقتصاد الإسرائيلي على وشك الانهيار، ستكون هذه ضربة إضافية وقاضية، وربما إذا اشتدت الحلقة أكثر فأكثر، فستكون «رصاصة رحمة» على اقتصاد هذا الكيان المهزوم. لكن الأمر يتطلب نوعاً من الدعم الحقيقي الشعبي على مستوى العالم الإسلامي والعربي وثورة كبيرة.

الأمور الآن ممهدة جداً للرأي العام الإسلامي والعربي وحتى الأوروبي، وهذا ما نشاهده هذه الأيام في الساحة الغربية خاصة على مستوى الشباب، وهذا نوع من عجائب عالمنا المعاصر. إن خطة اقتصادية كبيرة تستطيع أن تكون نوعاً من معالجة الاقتصاد العربي والإسلامي، وهذه المواقف ربما تساهم مستقبلاً في نوع من الاقتصاد الجماعي المستقل خارج حدود الهيمنة والضغوط الأجنبية والتبعية الغربية، وهذه فرصة تاريخية لشعوبنا.