جاء النص الكامل للكلمة التي ألقاها سماحته خلال هذا اللقاء على الشكل التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم (1)
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين، سيما بقية الله في الأرضين. 
مرحباً بكم كثيراً أيها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات، الشباب الباعثون على الفخر والاعتزاز بالمعنى الحقيقي للكلمة. الرياضة قيمة؛ سواء على مستوى الأفراد ـ أي إنَّ الفرد الرياضي بالمقارنة مع الفرد الذي لا يمارس الرياضة يمتاز بقيمةٍ مضافة ـ أو على المستوى الوطني وعلى مستوى البلاد. البلد الذي فيه رياضة؛ فيه رياضة عامة وفيه رياضة بطولية تكون نموذجاً وقدوة للرياضة العامة، هذا البلد يتمتع بقيمةٍ مضافةٍ مقارنة بغيره [من البلدان]. هذا شيءٌ تكرّس وشاع اليوم في العالم، والجميع يعلمونه ويفهمونه، ولذلك ترون كم ينفقون على الرياضات البطولية ومساعدة أبطالهم ويعملون ويجدّون، بل حتى أنهم يُنظِّمون سياساتهم أحياناً تبعاً لهذه القضية. على الرغم من كونهم يرفعون في العالم اليوم شعار عدم تسييس الرياضة، وأن لا تتدخل السياسة في الرياضة وتوجد مثل هذه الشعارات في العالم، ولكن حتى السياسة يضعونها أحياناً تبعاً للرياضة. لماذا؟ لكي يجعلوا بلدانهم شامخةً بفضل الرياضة وزينتها. هكذا هي الرياضة. لذلك يجب عليكم أنتم العاملين في هذه الساحة ـ ساحة الرياضة ـ أن تشعروا وتعتقدوا حقاً أنكم تقومون بعملٍ ذي قيمة معنوية، وإذا جعلتم نواياكم خدمة البلاد والجمهورية الإسلامية فلا شكَّ أنَّ في ذلك حسنةً إلهية ومعنوية؛ أي إنَّ فيه ثواباً فيكون كالعبادة ويتحول إلى عبادة. حسنٌ، هذه هي القضية فيما يتعلق بأصل الرياضة. 

لقد استطعتم على الرغم من وجود مشكلات جسمية تعانونها أن تتألقوا في ساحة الرياضات البطولية، وهذا شيءٌ له قيمةٌ كبيرة.

أما فيما يتعلق بكم أنتم فقد سجّلت هنا عدة نقاط لأقولها لكم. الرياضة البطولية مظهر الثقة بالنفس والعزم والإرادة. هكذا هم كلُّ أبطال العالم فتواجدهم البطولي هذا وقدراتهم البطولية مؤشر على إرادتهم القويّة وعزيمتهم الراسخة. وهذا الشيء يتضاعف ضعفين أو حتى أكثر من ضعفين في بعض الأحيان فيما يتعلق بالأفراد أصحاب الاحتياجات الخاصة. بمعنى أنه لو افترضتم أن يحرز الشخص الذي لا يعاني مشكلة جسمانية البطولة في المجال الرياضي الفلاني ويحقق مرتبة عالية، فعندما يحقق شخصٌ له مشكلة جسمانية المرتبة ذاتها ويُبدي نفس تلك القدرات، فهذا يدلُّ على عزيمة راسخة مضاعفة يتحلى بها هذا الشخص. وإذن، فقيمة هذا العمل مضاعفة إمّا ضعفين أو أكثر من ضعفين. لقد استطعتم على الرغم من وجود مشكلات جسمية تعانونها أن تتألقوا في هذه الساحة، وهذا شيء له قيمة كبيرة. وعليه فالذين يعانون من مشكلات جسمية ـ أصحاب الاحتياجات الخاصة ـ رياضتهم وبطولتهم لها قيمة تعادل ضعفي أو أكثر [قيمة] بطولة ورياضة الذين لا يعانون مشاكل جسمية، وفي ذلك دلالة على عزيمتكم الراسخة. أنتم بمجرد أن ظهرت فيكم مشكلة جسمية ـ في أيديكم أو أرجلكم أو في أي مكان من أجسامكم ـ كان بوسعكم أن تعتزلوا ساحة المسابقات البطولية والرياضية بعذر أنكم تعانون من مشكلة جسمية، لكنكم لم تفعلوا ذلك، بل خضتم غمار هذه الساحة وتحملتم الصعاب وحاولتم وسعيتم وتدرّبتم وضغطتم على أنفسكم ثم أبديتم عزماً راسخاً ووصلتم إلى قمّة هذا الحراك الرياضي، فالرياضة البطولية قمّة والرياضات العامة هي السفوح، والجميع يسيرون نحو هذه القمة والجميع ينظرون إليها ويتعلمون منها. وعليه فقيمة عملكم أكبر من قيمة عمل باقي الرياضيين الذين لا يعانون مشكلة جسمانية. هذه هي النقطة الأولى. 
نقطة مهمة أخرى لاحظتها في أعمالكم هذه المرة ـ بالمقدار الذي استطعت خلاله مشاهدة التلفاز ـ وكنت قد لاحظتها في المرات السابقة أيضاً، لقد لاحظت أنكم تشكرون الله بعد الفوز، وبعضكم يسجد، ومعنى ذلك أنكم تعتبرون هذا الفوز من الله، تعتبرون هذه النعمة من الله. وهذا له قيمة كبيرة جداً. مشكلة الأفراد الطغاة والمتمردين أنهم يعتبرون ما يمتلكونه من أنفسهم ويغفلون عن اللطف الإلهي والتوجه الإلهي. وأنتم بحركاتكم هذه وبتوجهكم وتوسلكم وسجودكم ورفع أيديكم ودعائكم أثبتم أنكم غير مُبتلين بالغفلة وتعلمون أنَّ هذه النعمة التي سبّبت لكم المجد والشموخ هي من عند الله وأنَّ الله تعالى هو الذي منحها لكم، وهذه مرتبة مهمة من الشكر. وهذا ما سيؤدي إن شاء الله إلى تحقيقكم المزيد من النجاحات والفوز وإلى ازدياد قدراتكم إن شاء الله. فقد قال تعالى «لَئِن شَكـرتُم لَأزيدَنَّكم» (2). إذا شكرتم فسيزيد الله النعمة. حركتكم هذه مؤشر عِلمكم بالنعمة الإلهية، وهي مرتبة مهمة من الشكر. 

إنكم بتوجهكم وتوسلكم وسجودكم ورفع أيديكم ودعائكم أثبتم أنكم غير مُبتلين بالغفلة وتعلمون أنَّ هذه النعمة التي سبّبت لكم المجد والشموخ هي من عند الله.

نقطة أخرى بدت بارزة جداً لي هي الثقة بالنفس التي أبديتموها في مضمار الدفاع عن أصالتكم، ومن الأمثلة على ذلك أنَّ رافعي راياتكم كنّ سيدات يرتدين الشادر [العباءة الإيرانية]. هذا شيء قيّم جداً. لستُ أدري هل تعلم تلك السيدة التي ارتدت الشادر ورفعت الراية بيديها في الافتتاحية وفي الاختتامية وسارت في مقدمة الوفد الرياضي، هل تعلم كم لعملها هذا من القيمة [والرفعة]؟ وكم هي عظمة هذه الحركة؟ هذا معناه أنكم تقفون لوحدكم بوجه هجمات التحلل والتهتك المتفاقمة في العالم، هذا هو معناه، معناه أنكم تقاومون مقابل هجمات السياسات التي يروَّج لها من قبل الصهاينة والشركات المخرّبة [المدمرة] للأخلاق في العالم والرامية لجرّ الرجل والمرأة نحو الفساد الأخلاقي. إنكم تدافعون عملياً عن حجابكم وعن شادركم [عباءتكم] وعن دينكم وعن معارفكم الإسلامية في ساحة دولية وعالمية ولا تعيرون اهتماماً [لأي شيء] ولا تلوون على شيء، وهذا ما يتطلب درجة عالية جداً من الشجاعة والجرأة. فالكثيرون ينهارون، وقد شاهدتُ بعض الأحيان في هذه الساحات الدولية أن البعض لا يستطيعون المقاومة حيال هجوم التوقعات اللامتناهية لجبهة الكفر والاستكبار، فينهارون ويضعفون ويتراجعون. بينما صمدتم أنتم وقاومتم. وهذا له قيمة كبيرة جداً. أقمتم صلاة الجماعة وشاركتم في صلاة الجمعة، بمعنى أنكم دافعتم عن دينكم وعن معارفكم وعن قيمكم الوطنية وعن زيّكم الوطني ـ الشادر هو زيّنا الوطني ـ وعن دينكم وعن حجابكم وعن عفافكم. وهذا شيء له قيمة كبيرة عندي. إنني أتقدم بالشكر القلبي والعميق لكم جميعاً، للمشرفين على هذا الوفد الرياضي، ولنفس هؤلاء السيدات اللواتي راعين هذه الأمور. لقد كان هذا استعراضاً للقوة الثقافية. لاحظوا، لقد كان هذا عرضاً للاقتدار الثقافي، ودليلاً على الاستقلال الثقافي، ومؤشراً على إرادة قوية. الحرب في العالم اليوم حرب إرادات، وكل طرف يُبدي إرادة أقوى وثباتاً أكبر فهو المنتصر في هذه الساحات، وقد أثبتّم هنا أنكم تتحلون بهذه القوة والاقتدار.
نقطة أخرى [امتاز بها] وفدكم الرياضي لهذا العام هي الاقتصاد في النفقات، وهو ما رفعوا لي تقريره، وهو حالة حسنة جداً. سمعتُ أنَّ المسؤولين المحترمين في هذا الوفد الرياضي اقتصدوا في الإنفاق، ولم يأخذوا معهم بعض الأشخاص الذين عادةً ما يرافقون هذه الوفود من دون سبب أو مُبرر، وغير ذلك من الأمور التي قاموا بها، وهذا أيضاً مما نؤيّده ونباركه ويثير استحساننا، وإني أثني حقاً على هذه الحالة. 

لقد أقمتم صلاة الجماعة وشاركتم في صلاة الجمعة ودافعتم عن دينكم وعن معارفكم وعن قيمكم الوطنية وعن زيّكم الوطني وعن حجابكم وعن عفافكم. 

ونقطة أساسية تتعلق بالرياضة البطولية [التي يمارسها] أصحاب الاحتياجات الخاصة هي أنها دليل على توظيف الطاقات الخفية الكامنة في وجود الإنسان. من مشكلاتنا الكبيرة في البلاد اليوم هي أننا نمتلك طاقات كثيرة ـ طاقات وطنية ـ لكننا لا نستفيد منها. لدينا طاقات وإمكانيات جغرافية ولدينا طاقات ثقافية ولدينا طاقات بشرية ولدينا مصادر جوفية تحت الأرض، ونمتلك إمكانيات تجارية، ونمتاز بمركزية [جغرافية] والتحكم بالرحلات والنقل الدولي، لدينا كل أنواع الإمكانيات والطاقات، لكن الكثير منها لا يُستفاد منه بشكل صحيح للأسف، ولو تمت الاستفادة منه لتمت معالجة مشكلات البلاد الاقتصادية الحالية بدرجة كبيرة. وهذا [الأمر] هو واحدٌ من جملة الأمور التي يجب الاهتمام بها، للبشر والأفراد طاقات، وهذه الطاقات منسية. عندما ينظر المرء لأخٍ أو أختٍ من أصحاب الاحتياجات الخاصة ولديه مشكلة جسمانية فقد يتصور أنه لا يملك الكثير من القدرات العادية، ولكن توجد فيه هذه الطاقة المهمة جداً وهي أن يصبح بطلاً. لقد أصبحتم أبطالاً وأحرزتم ميداليات الذهب والفضة، أحرزتم ميداليات، هذه البطولة وهذه الطاقة قد تكون موجودة لدى كثير من الآخرين لكنها لا يستفاد منها وقد استفدتم أنتم منها، وهذا شيء مهمٌ جداً. رياضتكم وبطولتكم دلَّت على إمكانية الاستفادة من الطاقات الكامنة في وجود الإنسان؛ بمعنى أنكم أصبحتم درساً للآخرين ومعلمين لغيركم. جميعنا يجب حقاً أن نتعلم، في مختلف السنين والأعمار، وخصوصاً الشباب يجب أن يتعلموا منكم، وأن يعلموا أن في وجودهم وفي أجسامهم وفي إرادتهم وفي روحهم طاقات يمكنهم أن يوظفوها ويستخدموها وينتفعوا منها لتقدم البلاد وإعمارها وللفرد نفسه شخصياً لدنياه وآخرته. هذه أيضاً نقطة أعتقد أنها [نقطة] مهمة جداً؛ أي إنكم مظهرٌ وتجسيدٌ لتوظيف الطاقات واستثمارها. 
أحد السادة ـ وأنا طبعاً لا أعرفكم عن قرب ـ أحرز ست ميداليات ذهبية، في السباحة على ما يبدو، وهذا شيء مهمٌ للغاية، ست ميداليات! (3) حاز ست ميداليات ذهبية في هذه الرياضة التي يتخصص فيها. هذا شيء قيِّم جداً ويدلُّ على طاقة وإمكانية عجيبة. ربما كان هذا السيد نفسه لفترات طويلة في السابق لا يدري أنه يتمتع بمثل هذه القدرات والطاقات. لكنه خاض غمار هذه الساحة وتحرك وعمل وبادر وأراد وصمّم ووصل إلى حيث يحرز مثلاً ست ميداليات ذهبية. هذه أيضاً نقطة أخرى. 
والنقطة الأخيرة هي أن لكم تأثيراً مضاعفاً في تحفيز عامة الناس. قلت دائماً إنَّ الرياضة البطولية تشبه قمّة يجب أن تكون موجودة في البلاد من أجل أن يستطيع الآخرون كلهم ممارسة الرياضة، فالكلُّ يجب أن يمارسوا الرياضة، الشباب يجب أن يمارسوا الرياضة، والشيوخ أيضاً يجب أن يمارسوا الرياضة، رياضة الشباب بشكل ورياضة الشيوخ ـ من أمثالنا ـ بشكل آخر، على كل حال يجب أن نمارس الرياضة جميعاً. فمن الذي يحفز الإنسان على ممارسة الرياضة؟ إنه الشخص الذي في القمّة، هو الذي يمنح الآخرين هذا الحافز. الحافز الذي توفِّرونه للآخرين ضعف الحافز الذي يوفِّره غيركم، ذلك أنكم استطعتم على الرغم من مشكلتكم الجسمية تحقيق هذا المجد والفخر. 
على كل حال نشكركم جزيل الشكر على جهودكم، ونتقدم بالشكر للمسؤولين عن وفدكم، للمسؤولين عن الرياضة، للسيد خسروي وفا (4) والآخرين. نتمنى لكم التوفيق الدائم إن شاء الله، وأن تحافظوا دائماً على هذه الروح المعنوية وروح التوجّه والعزيمة الراسخة إن شاء الله، وأن يكون لكم وضعٌ أفضل يوماً بعد يوم. وهذه الطلبات التي طرحها هذا الأخ العزيز الجريح والأسير المحرّر ـ وهو جريح حرب وأسير حرب محرّر في الوقت نفسه ـ ما يتعلق منها بالحكومة فالسيد الوزير (5) موجود هنا، ويجب بالتأكيد أن تأخذوها بعين الاعتبار وتتابعوها، وطلباتهم ليست بالكثيرة وهي طلبات صحيحة وواقعية. حققوا هذه الطلبات ولا تدعوها تبقى لمن يأتي بعدكم. وطلبه منا أيضاً كان معلوماً [وواضحاً]، طلبَ شالاً وخاتماً ونحن في خدمتكم في ذلك، وسوف نقدم لكم جميعاً إن شاء الله شالات وخواتم. 
والسّلام عليكم و رحمة ‌الله وبركاته. 

الهوامش:
1-في بداية هذا اللقاء تحدَّث السيد مهدي علي زاده والسيدتان إلناز دارابيان وعشرت كردستاني من الفائزين بالميداليات في هذه المسابقات. 
2-سورة إبراهيم، شطر من الآية 7.
3-هنا قال الإمام الخامنئي مخاطباً السيد شاهين إيزديار: أنت هو؟ ما شاء الله. 
4-رئيس الاتحاد الرياضي للجرحى وأصحاب الاحتياجات الخاصة. 
5-الدكتور مسعود سلطاني فر (وزير الرياضة والشباب).