الكاتب: الشيخ جواد الأمين

في الحقيقة خطاب السيد القائد - حفظه الله ورعاه - في رسالته إلى حجاج بيت الله الحرام كبقية الخطابات التي واقعاً تعودنا في مدرسته ونهجه أن يكون هذا الخطاب خطاباً شاملاً واقعياً موضوعياً ويتعاطى مع كل الشؤون السياسية والاجتماعية والدينية وغيرها بموقع الولي المسؤول الذي واقعاً يرعى كل هذه الأمة بكافة تفاصيل حياتها وما يدور خاصة في قضية المواجهة مع العدو سواءً كان ذلك الشيطان أو من كان من حلفائه سواءً ما نعني اليوم به الأمريكي والصهيوني وأتباعهم وأدواتهم في المنطقة.

واقعاً عندما استمعنا لهذا الخطاب وقرأنا هذا الخطاب وبدأنا نقرأ هذا الخطاب فهذا الخطاب فيه الكثير الكثير من الركائز الأساسية التي تحتوي حقّاً على نقاط مفصلية مهمة جداً لا بدّ أن تؤخذ بعين الاعتبار. نبدأ من مقدمة الخطاب إذا أردنا أن نحلل ونبدأ بتحليل هذا الخطاب. لا بدّ أن نبدأ من مقدمة هذا الخطاب الذي يدعو إلى تلاحم الأمة ووحدة الأمة وأن تكون هذه الأمة شفافة في اتجاه مقابلتها لمسؤولياتها إلى اعتماد خطابات القائد على البساطة في بيان هذه المفاهيم والتركيز على نقلها ووصولها إلى أكبر مساحة. هذا ما تعودناه ببركة هذه المدرسة المنتظمة التي لا يمكن لنا أن نقيمها. حقيقة الأمر نحن أين وأين هذا القائد وبهذا الفكر وبهذه التضحيات وبهذه المواجهة طوال هذه الفترات الطويلة من عمره الشريف. حقّاً، نحن لا ندعي أننا نحلل أو نقيم وما شابه ذلك وإنما نقرأ وكما نقول نتدبر فيما نقرأ.

وبالتالي بدأ الإمام من النقاط الأساسية، نقاط العزة والسعادة لهذه الأمة بقول الله تبارك وتعالى: «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين». ثم بدأ سماحته ببيان نقطة هي الفوارق التي يتمتع بها النظام الإسلامي والحكومة الإسلامية والمجتمع الإسلامي وبين ما يعانيه إن جاز التعبير المجتمع الغربي والمجتمع المادي والمجتمع الصهيوني والمجتمع الرجعي الذي يواجهه طوال هذه الفترات من العقود.

كذلك من يقرأ في هذا الخطاب يقرأ التعبير عن هذه الإستراتيجية التي يبديها سماحته قضية السياسة والروحانية أو السياسة والعبادة، الدين والسياسة بالمعنى الأدق، وكيف يمكن أن يتعانقا في إطار خدمة المشروع الإلهي. هذا أيضاً شيء بارز ودائم ينبّه إليه سماحته أطال الله في طول بقائه المبارك والشريف. لذلك هذه النقطة مهمة جداً.

سماحته كذلك عندما يطرح أي إشكالية أو يطرح أي موضوع أو أي فكرة دائماً ما يقدم الحلول، ولا يقدم الحلول ويعطي المفاتيح فقط، بل يرسم مفاتيح الحل بالمصاديق ويذكر بالمصاديق ويجري مقارنة واسعة في إطار التمييز ما بين المجتمع الذي نعيشه والمجتمعات الغربية. كذلك بطبيعة الحال عندما نقرأ هذا الخطاب نقرأه على كافة تفاصيل حياتنا، يعني عندما يتعرض للأمور العبادية ولما يدور في فلكها وعندما يتعرض للأمور الروحية والروح المعنوية وكيف يبني المجتمع الإسلامي والمجتمع الإيماني. هذه الحالة من الروحانية وهذه الحالة من المعنويات خاصة، ونحن في مقام مواجهة يذكر به يعطيه كما نقول أسهم في خطاباته. هذا أيضاً شيء مهم جداً من قائد مسؤول يدرك حاجات هذا المجتمع ويدرك حاجات الأمة الإسلامية باعتباره بهذا المقام وبهذا المنصب وبهذه المسؤولية وهذا التكليف الإلهي الكبير. واقعاً هذا أمر مهم جداً ولا بدّ أن نأخذه بعين الاعتبار.

القضايا الاستراتيجية عندما يطرحها الإمام القائد - روحي فداه - لا يطرحها من دون مراعاة لما هو واقع ولما هو حاصل. أي اليوم عندما يشير إلى قضايا فلسطين وقضايا العراق وقضايا سوريا ولبنان واليمن وغيرها من القضايا ويري الناس ويري الأمة الإسلامية ويضعها في مقام أن هذه الشعوب التي انتصرت و وقدمت القرابين شهداء في سبيل خدمة الدين الإلهي، هذه اليوم في الصف الأول. وبالتالي يواجه تلك الحروب التي واقعاً هي حروب ليست بالسهلة، وعندما ينادي بجهاد التبيين ويذكر به وعندما يتحدث عن المقاومة ويتحدث عن صمود هذه الشعوب وحضارة هذه الشعوب ومستقبل هذه الشعوب التي دفعت حقّاً فاتورة حريتها واستقلالها وعزتها، هذه القضايا مهمة جداً وهذا كله يسير وفق ماذا؟ وفق الأدلة القرآنية ووفق الأدلة من سيرة الأئمة - عليهم السلام - وبالتالي نرى هذا الخطاب خطاباً إلهيّاً وخطاباً قرآنيّاً وخطاباً نبويّاً وخطاباً علويّاً ومحمديّاً. هذه كلها كانت في خطاب سماحته كما تعودنا وبالتالي الروح المعنوية حاضرة والقيم الأخلاقية حاضرة والإستراتيجية السياسية حاضرة وإن جاز التعبير منظومة إدارة العمل المقاوم والعمل الجهادي والعمل الوحدوي الذي يضمن حقوق الأمة ووحدة الأمة والرحمة بين أفراد الأمة وكذلك المواجهة مع العدو نراها حاضرة ويبين بما لا يشوبه أي شك كما كان في هذا الخطاب وفي هذا النداء المبارك أن هذه الأمة فيما إذا ما وقفت تجاه مسؤولياتها وكانت متمسكة بالأمل وكانت متمسكة بالفرج لا شكّ ولا ريب أنها كانت خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقوم بمسؤولياتها.

إذاً من هذه المحصلة يمكن القول إننا اليوم كنا على استحقاق جديد ومسؤولية تضاف إلى واقعنا الحياتي المعاصر وأن نكون كما عبر سماحته متمسكين بالسياسة ومتمسكين بالحالة الروحية والعبادية وهما ركنان أساسيان في الحج على مستوى الأمة وإدارة شؤونها من الداخل ومن الخارج.

النقطة الأخرى أن الإمام يطرح الحلول وعلينا هنا في هذه النقطة الالتزام بهذا الحل. فعندما يشير في تاريخ الصراع بإشارات غير مباشرة كما أتت في الخطاب أو مباشرة كما في تحديده لعدة مصاديق، لا بدّ أن نرى التاريخ مع سماحته حفظه الله ورعاه، وبالتالي عندما يذكر بتاريخ فلسطين وتاريخ المقاومة في فلسطين وفي لبنان وفي العراق الذي يعيش حقّاً أحلى لحظات المقاومة في ظل وجود الحشد الشعبي والفصائل المقاومة وهذا التيار الشعبي الجماهيري المقاوم الذي نراه صامداً ونراه يتحمل واقعاً ونراه يعيش صبر زينب - سلام الله عليها - ويعيش صبر الحسين وواقعة كربلاء ويعلو على هذه الجراح التي تأتيه من كل حدب وصوب ببركة وقوف المقاومين من كل أنحاء الدنيا التي معه.

كذلك إلى سوريا ولتي اجتازت حرباً قاسية جداً وحرباً عالمية. هذه الحرب التي كانت ووقعت على سوريا وهذه الأزمة وتظافر جهود المقاومين وهذه التيارات هذه المجتمعات يشير إليها الإمام القائد - روحي فداه - أنها أصبحت اليوم ميزة أساسية في المنطقة وأن الأمريكي والصهيوني ومن معه من أدوات لا يمكن لهم أن يقفوا أمام هذه الحالة الشعبوية الجماهيرية النضالية ضد ماذا؟ ضد الأنظمة الرجعية التي تعيش في هذا العصر وفي هذا الزمان التي تعبث ليس فقط في منطقتنا.

يعني اليوم - هناك إشارات جداً لافتة ولو كان هناك وقت لكنا قد بينا أن هذه المجتمعات تعيش مأزقاً حقيقيّاً، وباختصار شديد لا أطيل عليكم - هذه المجتمعات تعيش حقّاً أزمات متعددة والدليل على ذلك أن هذا الواقع والوضع الذي تعيشه اليوم أمريكا في الداخل الأمريكي، وأوروبا في الداخل الأوروبي نرى أن في كل بلد له مآسيه وبالتالي محاولة تصدير مشكلاتهم ومعاناتهم والاستفادة من خيرات بلادنا وتدمير هذه البلاد وما شابه ذلك، كان له عودة على هذه المجتمعات بالفشل والتحطم وما نراه البارحة. لربما كل العالم شاهد استقالة رئيس الدولة الخبيثة أو رئيس وزرائها، رئيس الوزراء الإنكليزي وغيرهم من المسؤولين الذين يقعون في شرّ أعمالهم وبالتالي هذه الأنظمة الرجعية باتت اليوم تسقط شيئاً فشيئاً ولن ينالها أي حظّ من المواجهة وأي حظّ من الاستمرار والثبات ما دمنا ثابتين متمسكين بقضايانا التي أشار إليها الإمام القائد.

إشارة فقط أخيرة وأختم الكلام: واقعاً من يقرأ هذا الخطاب وكما نعبر يدقق في هذا الخطاب هي حالة الدليل وإيجاد الدليل وبالتالي لم يقدم فقط المصاديق وإنما يقدم الدليل على كل هذه القضايا التي يقدمها ويطرحها. السيد القائد وهذه الخطابات القليلة التي نراها حتى على مستوى مفكرينا والنخب أنه دائماً ما يقدم الدليل ويقدم البراهين ويقدم كما نقول التصورات المستقبلية والقراءة المستقبلية. هذه غائبة عنا حتى على مستوى النخب في كثير من الأحيان نرى أن هناك ربما توجد هناك قراءات ولكن قراءات خاطئة، أما الإمام القائد كما تعودنا خطاباته هو دائماً ما يقدم... أنا أشعر بالسعادة عندما أستمع لخطاباته أنه يقدم الرؤية المستقبلية. نعم كل ما أتى في هذا الخطاب من الأمور التي هي مميزة جداً ولا توجد عند غيره من القادة ومن المسؤولين وما شابه ذلك.

النقطة المميزة بالنسبة إلي كقارئ ومتعلم في مدرسته حفظه الله ورعاه وأطال في طول بقائه المبارك أنه يقدم الرؤية المستقبلية بشفافية وأنه يقدم الرؤية المستقبلية بموضوعية ويقدمها مشفوعة بالأمل ومشفوعة بالنصر ومشفوعة بالدعاء والتقرب إلى الله تبارك وتعالى والتذكير بذكره والتذكير بإرادته ولزوم طاعته والتزام أوامره.

هذه من القضايا التي واقعاً نشعر معها بالسعادة عندما نستمع لهذا القائد ولهذه الروح ولهذه الحالة العبودية التي يعيشها مع ربّه مع الله تبارك وتعالى فيعطينا الكثير من الأمل الكثير من المعنويات الكثير من الصمود وهذه ميزته أطال الله في طول بقائه المبارك والشريف.

*إنَّ الآراء الواردة في هذا المقال، لا تعبّر بالضّرورة عن رأي موقع arabic.khamenei.ir